قوله: وَرَدْ، الأصل أن يقول: وردا نائبي فعل لاسم عين استندا، هذا الأصل، إذا قلت: الزيدان -زيد وزيد- قام أو قاما؟ قاما، زيد وزيد قاما، كما تقول: الزيدان قاما، واجب التثنية أو جائز؟ يجب أن يطابق الضمير وهو فاعل لمفسِّره؛ لأن الزيدان هذا مفسِّر، وقاما الألف هذه مفسَّر، إذاً لا بد من المطابقة، إذا كان المرجع مثنىً، وجب أن يكون تفسير الألف هنا –الضمير- بالتثنية، وإذا كان جمعاً وجب أن يأتي بالواو، الزيدون قاموا، هنا قال: مُكَرَّرٌ وَذُو حَصْرٍ، ذكر اثنين، الأصل أن يقول: وردا نائبي فعل لاسم عين استندا، الجواب أن يقال: بأنه (ورد) كل منهما، حينئذٍ رد الضمير بما ذكر، يعني: أوَّل، على التأويل، ورد ما ذكر نائب فعل، فحينئذٍ إذا رَدَّ الضمير، وأرجع الضمير مؤوِلاً بالمذكور، لا يشترط فيه المطابقة، كأنه قال: ورَدَ كل منهما، ولا يحتاج إلى التثنية، إذا أولنا بالمذكور -اللفظ المذكور- هذا وارد حتى في القرآن، حينئذٍ نقول: هذا النوع من إرجاع الضمير إلى المعنى -الشيء المذكور السابق-، والمذكور شيء واحد، ورد ذلك المذكور، حينئذٍ نقول: لفظ المذكور هذا شيء واحد، فرد إليه الضمير مفرداً.
كَذَا مُكَرَّرٌ وَذُو حَصْرٍ بإلا أو بإنما، وَرَدَ نائب فعل، وَرَدَ صفة، نَائِبَ فِعْلٍ هذا حال من فاعل وَرَدَ، لاِسْمِ عَيْنٍ اسْتَنَدْ، استند لاسم عين، متعلق بـ استند، واستند هذا نعت لفعل، نَائِبَ فِعْلٍ استند لاِسْمِ عَيْنٍ، أنت سيراً سيراً، وإنما أنت سيراً سيراً، فالتكرار عوض من اللفظ بالفعل، والحصر ينوب مناب التكرار، فلو لم يكن مكرراً ولا محصوراً جاز الإضمار والإظهار، نحو أنت سيراً، أنت سيراً يجوز فيه الإظهار والإضمار، وكذلك أنت تسير سيراً جاز فيه الإضمار والإظهار؛ لأنه غير محصور، فإن استند لاسم معنىً، لا لاسم عين، حينئذٍ وجب فيه الرفع على الخبرية، لو قال: أَمرُك سيرٌ سيرٌ، سيرٌ سيرٌ: خبر، أمرك: مبتدأ، لماذا لا نقول مثل ما قلنا: زيد سيراً سيراً؟ لأنه أخبر به عن اسم معنى، أمر ليس بجثة، حينئذٍ وجب الرفع على الخبرية، وإنما سيرك سير البريد، هنا محصور، لكنه لما وقع خبراً لاسم معنى، حينئذٍ وجب الرفع.
إذاً قوله: لاِسْمِ عَيْنٍ هذا شرط، فإن انتفى حينئذٍ وجب الرفع على الخبرية لما ذكرناه، فيجب أن يرفع على الخبرية هنا لعدم الاحتياج إلى إضمار فعل، بخلافه بعد اسم العين؛ لأنه يؤمن معه اعتقاد الخبرية، إذ المعنى لا يخبر به عن العين إلا مجازاً، وهذا سبق معنا: زيد عدل، قلنا: عدل هذا معنى، لا يخبر به عن الذات، إلا مجازاً كقوله: فإِنما هىَ إِقْبالٌ وإِدْبارُ، أي: ذات إقبال، وذات إدبار.