وَمَا لِتَفْصِيلٍ كَإمَّا مَنَّا، وَمَا لِتَفْصِيلٍ، والذي سيق من المصادر لِتَفْصِيلٍ لعاقبة ما قبله، وهي الفائدة المترتبة على ما قبله، والحاصلة بعده كقوله: إمَّا مَنَّا إشارة إلى الآية السابقة، عَامِلُهُ هذا مبتدأ ثاني، يُحْذَفُ هذا خبر المبتدأ الثاني، والجملة خبر المبتدأ الأول، وهو قوله: والذي لتفصيلٍ، حَيْثُ عَنَّا هذا متعلق بـ (يُحْذَفُ)، عَنَّا الألف للإطلاق، بمعنى عرض، ولكن يشترط فيه ما ذكر في الآية إذاً والذي، هذا عطف على وجوب حذف عامل المصدر، الذي جاء للتفصيل، يعني أن المصدر إذا أتي به في تفصيل، وجب حذف عامله، إذا وقع تفصيلاً لعاقبة ما تقدمه، هذا الشرط الأول، والشرط الثاني أن يكون جملة لا مفرداً، لِزيداً سفر، فإما صحةٌ وإما اغتنامُ مالٍ -بالرفع وليس بالنصب- كقوله تعالى: ((حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً)) [محمد:4] فـ مَنَّا وفِدَاءً مصدران منصوبان بفعل محذوف وجوباً، والتقدير -والله أعلم- فإما تمنون مَنَّا، وإما تفدون فِدَاءً، وهذا معنى قوله: وَمَا لِتَفْصِيلٍ أي: يحذف عامل المصدر المسوق للتفصيل، حَيْثُ عَنَّا أي عرض، إذاً لا بد من توفر الشروط الثلاثة: أن تكون الجملة متقدمة لا متأخرة، وأن تكون جملة، ثم أن يكون الكلام الذي جاء بعد الجملة للتفصيل لعاقبة ما حصل وسبق، فهذا المراد بالموضع الثاني: وَمَا لِتَفْصِيلٍ يعني والذي سيق من المصادر لتفصيل، لِتَفْصِيلٍ هذا جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول، والذي سيق من المصادر، لِتَفْصِيلٍ يعني لتفصيل عاقبة ما سبق، كَإمَّا مَنَّا: كَإمَّا هذا حال من الضمير المستتر في سيق الذي قدرناه صلة الموصول، كَإمَّا حال منه، كـ ((إِمَّا مَنًّا بَعْدُ)) [محمد:4] مَنًّا هذا مفعول مطلق، -نعربه حتى المثال هنا-، عَامِلُهُ يُحْذَفُ: مبتدأ وخبر، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ الأول، يُحْذَفُ حَيْثُ عَنَّا من باب التكميل، حيث عرض، حيث جاء، حيث ثبت، يحذف العامل وجوباً، لما ذكر من أنه بدل من اللفظ بعامله، والتقدير كما ذكرناه سابقاً.
ثم قال:
كَذَا مُكَرَّرٌ وَذُو حَصْرٍ وَرَدْ ... نَائِبَ فِعْلٍ لاِسْمِ عَيْنٍ اسْتَنَدْ