أراد أن يبين المفعول المطلق ما العامل فيه، قال: قد ينصب بالفعل وهو الأصل، وينصب بالوصفِ، وهو اسم الفاعل، واسم المفعول، وأمثلة المبالغة، واختلف في أفعل التفضيل، والصفة المشبهة.
أو بمثله وهو المصدر.
إذاً المفعول المطلق ينصب بمثله، يعني: بمصدر مثله، لفظاً ومعنىً، أو معنىً دون لفظٍ، يعني: يعمل المصدر في المصدر، فينصبه على أنه مفعول مطلق له، ثم قد يكون المفعول المطلق، موافقاً للعامل المصدر، في اللفظ والمعنى معاً، أو في المعنى دون اللفظ ((فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا)) [الإسراء:63] جَزَاءً مفعولٌ مطلق، العامل فيه جَزَاؤُكُمْ، ((فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ)) وقع خبراً، وهو مصدر موافقٌ له (جَزَاءً) في اللفظ والمعنى.
ولو معنىً دون لفظٍ، نحو: أعجبني قيامك وقوفاً، على ما سبق، أعجبني: فعل ومفعول به، قيامك فاعل، وهو مصدر مضاف إلى فاعل، وقوفاً هذا مصدر، عمل فيه قيامك، كل منهما مصدر، مثل قعدتُ جلوساً، قيامك وقوفاً، نقول: وقوفاً هذا مفعول مطلق، والعامل فيه المصدر، وهو موافق له في المعنى دون اللفظ؛ لأن القيام والوقوف بمعنى واحد.
بِمِثْلِهِ: هذا جار ومجرور متعلق بقوله: نُصِبْ، نصب بمثله يعني: المفعول المطلق -المصدر السابق-، ينصب بمثله، وهو المصدر، سواء كان موافقاً له في اللفظ والمعنى كالآية المذكورة، أو في المعنى دون اللفظ كالمثال المذكور.
أَوْ للتنويع.
فِعْلٍ فيكون العامل في المفعول المطلق فعل، كقوله: ((وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا)) [النساء:164]، ويشترط في الفعل الذي ينصب مفعولاً مطلقاً، أن يكون متصرفاً، وأما الجامد فلا، الجامد مثل (نعم) و (بئس)، و (عسى)، و (ليس)، وفعل التعجب، هذه لا تنصب مفعولاً مطلقاً.
أن يكون تاماً، أن لا يكون ناقصاً، فكان وأخواتها هل تنصب مفعولاً مطلقاً؟ الجواب: لا.
أن لا يكون مُلغىً عن العمل، وهذا فيما إذا كان ظن وأخواته، اإذا توسطت ورجحنا الإلغاء، أو تأخرت ورجحنا الإلغاء، هذا الأصل فيه، أو يكون متقدماً فيلغى من جهة اللفظ فحسب.
إذا ثلاثة شروط يجب أن تتوفر في الفعل الذي ينصب المفعول المطلق، وهل يشترط فيه أن يكون متعدياً؟
لا يشترط في المفعول الذي يُنصب بفعلٍ أن يكون متعدياً إلا نوعاً واحداً، وهذا ذكرناه، ولذلك قلنا: الحال لا يشترط فيها أن يكون العامل فيها متعدياً، ومثَّلنا بقوله: جاء زيدٌ راكباً، قلنا: راكباً هذا حال، والعامل فيه جاء، وهو لازم ليس بـ بمتعدي: فَانْصِبْ بِهِ مَفْعولَهُ، قلنا: ينصب الفعل المتعدي المفعول، وما عداه لا يتعدى إلى مفعول به البتة، وأما سائر المفاعيل هذا لا يشترط فيها التعدي، بل تكون مع اللازم، ومع المتعدي.
إذاً بِمِثْلِهِ أَوْ فِعْلٍ أوْ وَصْفٍ ((وَالصَّافَّاتِ صَفًّا)) [الصافات:1] صَفًّا: هذا مفعولٌ مطلق موافقٌ لعامله في اللفظ والمعنى، والعامل فيه الصَّافَّاتِ، وهو اسم فاعل جمع صاف، وكذلك ((وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا)) [الذاريات:1] ذَرْوًا مفعولٌ مطلق ((فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا)) [المرسلات:2] عَصْفًا مفعولٌ مطلق .. إلى آخر.