هو اسم يؤكد عامله أو يبين نوعه أو عدده. هذا بيان لأنواع، وأغراض، والفوائد التي يؤتى من أجلها بالمفعول المطلق، لماذا جيء به؟ بعض النحاة يدخل هذه الأنواع الثلاثة في الحد، والأولى إخراجها؛ لأنها أنواع، إذا عرفنا حقيقة المفعول المطلق، حينئذٍ نقول: يتنوع إلى كذا، كما نقول: الكلمة قول مفرد، ثم هي ثلاثة أقسام. إذاً لا ندخل الاسم -حقيقة الاسم- والفعل والحرف في داخل حد الكلمة، بل نحد الشيء ثم نقول: يقسم إلى كذا وكذا، نقول: الكلام هو اللفظ المركب المفيد بالوضع، وينقسم إلى خبر وإنشاء. إذاً القسمة لا تدخل في الحد، هذا أولى من صنيع ابن هشام -رحمه الله تعالى-.
وليس خبراً ولا حالاً، -هذا الذي أردتُه-، وليس خبراً ولا حالاً، نحو ضربت ضرباً، هذا مثال لمؤكد عامله، ضربت ضرب الأمير للمبين للنوع، ضربت ضربتين للمبين للعدد، بخلاف ضربك ضربٌ أليم، هذا مبين للنوع، لكنه ليس بمفعول مطلق، ضربك ضربٌ أليم، مثل كلامك كلام حسن، ولا حالاً نحو: وَلَّى مُدْبِرًا، هذا قد يقال: بأنه مثل قعدت جلوساً، نقول: لا؛ لأن هذا حال، وإنما جيء بها لبيان صفة صاحب الحال؛ لأنها قيد لعاملها، ووصف لصاحبها، ففرق بين المفعول المطلق وبين الحال.
وَلَّى مُدْبِرًا هذا حال مؤكدة، وافق فيها المنصوب هنا، العامل في المعنى دون اللفظ، لكن نقول: فرق بين الحال والمفعول المطلق، ويفرق بينهما بمعرفة حقيقة الحال ما هي كما سيأتي في محله.
وأكثر ما يكون المفعول المطلق مصدراً، هكذا قال بعد هذا التعريف، صدره بالاسم ثم قال: وأكثر ما يكون المفعول المطلق مصدراً. إذاً قد يكون المفعول المطلق ليس مصدراً، مثل: جِدَّ كُلَّ الْجِدِّ، وعلى هذا معناه أن جِدَّ كُلَّ الْجِدِّ، ((فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ)) [النساء:129] هذا مفعول مطلق حقيقة، ولا تقل: نائب عن المفعول المطلق، والصحيح أنه نائب عن المفعول المطلق.
والمصدر اسم الحدث الجاري على الفعل، فخرج بهذا القيد اسم المصدر، إذا قيل: حقيقة المفعول المطلق المصدر، معلوم أن ثَمَّ فرقاً بين المصدر واسم المصدر، وسيعقد لهذا باباً في الأخير إن شاء الله تعالى، سيعقد باباً للفرق بين المصدر واسم المصدر، ثم عمل كل منهما.
المصدر ما وافق فعله في الحروف كلها: أعطى إعطاءً، نقول: هذا مصدر، وإذا نقص حرف من المصدر، انتقل من المصدر إلى اسم المصدر، من اسم المصدر يعني أن لا نطلق عليه مصدراً إلى عنوان جديد، وهو اسم المصدر فتقول: أعطى عطاءً أين الهمزة إعطاءً عطاءً؟ كلاهما مصدران في الأصل لأعطى، إلا أنه لما نقص حرف عطاءً، سميناه اسم مصدر، ففرق بين المصدر واسم المصدر، المصدر يكون موافقاً لفعله في عدد الحروف، المادة لا شك فيها في الاثنين، أما المصدر لا بد أن يكون موافقاً لعدد الحروف فلا ينقص حرفاً، قد يزيد لا إشكال، أكرم إكراماً، إكرا .. زاد، أكرم إكراماً زاد حرفاً، لكن لا ينقص، فإن نقص حينئذٍ سميناه اسم مصدر.