إذاً كلامك نقول: هذا مبتدأ، والعامل فيه الابتداء، كلام حسن، كلام، هذا خبر، العامل فيه كلامك وهو المبتدأ.
وَرَفْعُوا مُبْتَدَأً بِالإبْتِدَا ... كَذَاكَ رَفْعُ خَبَرٍ بِالمُبْتَدَا
إذاً الخبر مرفوع بالمبتدأ، وهنا العامل فيه موافق له في اللفظ والمعنى، كلامك كلام حسن، مثل ضربتك ضرباً، وافقه في اللفظ والمعنى، هل نقول أنه مفعول مطلق؛ لأنه موافق له في اللفظ والمعنى مثل: ((كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا))؟ لا، لماذا؟ لأن كلامك كلام حسن، كلام حسن هذا عمدة لأنه خبر، وإذا كان كذلك لا يمكن أن يكون فضلة؛ لأن الفضلة ما ليس بعمدة، إذاً هنا تسلَّط على الخبر عامل من لفظه ومعناه، ولم يعرب مفعولاً مطلقاً لم ننصبه على المفعولية المطلقة لماذا؟ لانتفاء شرط الفضلة.
كذلك: جَدَّ جِدُّهُ يعني: نشط أمره، جَدَّ فعل ماضي، وجِدُّهُ هذا مصدره، تسلط عليه عامل من لفظه ومعناه، ومع ذلك لم ينتصب على المفعولية المطلقة؛ لكونه عمدة، ويشترط في المفعول المطلق أن يكون فضلة، وهذا ليس بفضلة، وحقيقة الفضلة: ما ليس ركناً في الإسناد، وهنا الفاعل، وذاك الخبر، ركنان في الإسناد، فـ: كلامك وجده سُلِّط عليهما عامل من لفظهما، وهما الفعل والمبتدأ، وليس من المفعول المطلق في شيء.
إذاً: عرفنا هو المصدر، لا بد أن يكون مصدر، فإذا أخذنا المصدر جنساً في حد المفعول المطلق، ما ليس بمصدر ليس بمفعول مطلق، هذه قاعدة مطردة، إذا عرَّفنا وذكرنا الجنس، حينئذٍ كل ما ليس من الجنس ننفي عنه المحدود، فنقول: العلاقة بين المفعول المطلق والمصدر -دائماً بين المحدود والجنس- العلاقة بينهما العموم والخصوص المطلق؛ لأننا أخذناه قيداً في حد المفعول المطلق، حينئذٍ تقول: المفعول المطلق هو المصدر، إذاً كل مفعول مطلق هو مصدر من غير عكس، يرد: جِدَّ كُلَّ الْجِدِّ وَافْرَحِ الْجَذَلْ تقول: هذا نائب عن المفعول المطلق، ونحن نحد المفعول المطلق حقيقة أصالة، وهذا قد ناب عنه، حينئذٍ لا إشكال.
إذاً كل ما ليس بمصدر ليس بمفعول مطلق، كل ما كان مصدراً وليس بفضلة ليس بمفعول مطلق، كل ما كان مصدراً فضلة، ولم يكن موافقاً لعامله في اللفظ والمعنى، أو في المعنى دون اللفظ ليس بمفعول مطلق، هذه القيود كلها أشبه ما تكون شروطاً تبين لنا حقيقة المفعول المطلق.
عرَّفه في الأوضح بقوله: هو اسم -صدره بالاسم؛ لأنه لا يشترط فيه أن يكون مصدراً، على هذا التعريف إذا قلنا: لا يشترط أن يكون فيه مصدر، والنائب عن المفعول المطلق هو مفعول مطلق حقيقة، حينئذٍ نصدر الحد بكونه اسماً-.