قال الشارح: وذكر هنا في هذا المقام، أنه إذا كان مطلوب الفعل المهملِ غير مرفوع، -المرفوع سبق ذكره-، بل منصوب، أو مجرور، الطالب إما أن يكون طالباً لمرفوع، أو منصوب، أو مجرور، تقرر عندنا وجوب إضمار المرفوع ولا إشكال، وليس عندنا اعتراض بالقاعدة التي ذكرناها؛ لأن هذا الباب مما يستثنى من عود الضمير على متأخر لفظاً ورتبة، يبقى معنا المنصوب، والمجرور، فلا يخلوا: إما أن يكون عمدة في الأصل، أو لا، لا يخلوا هذا المنصوب، إما أن يكون عمدة في الأصل أو لا، متى يكون عمدة في الأصل؟
إذا كان خبراً لكان، أو مفعولاً ثانياًً لـ (ظن)، أو مفعولاً أولاً لـ (ظن)، هذا عمدة، عبر الشارح عمدة، وعبر الناظم بخبر، أيهما أعم؟
الشارح أعم لأنه عبر بالعمدة.
قال إما أن يكون عمدة في الأصل، وهو مفعول (ظن) وأخواتها؛ لأنه مبتدأ في الأصل، أو خبر وهو المراد بقوله:- (إِنْ يَكُنْ هُوَ الْخَبَرْ)، بالتعميم مع الاستدراك عليه وإِلا الخبر خاص، وهو قد عمم.
أو لا فإن لم يكن كذلك، إن لم يكن عمدة، فإما أن يكون الطالب له هو الأول أو الثاني، فإن كان الأول لم يجز الإضمار، لم يجز الإضمار في الأول لماذا؟
لأننا لو أضمرنا لعاد الضمير على متأخر في اللفظ والرتبة فتقول: ضربت، ولا تقل ضربته، تحذف الضمير ضربت وضربني زيدٌ، ومررت ولا تقل مررت به، بل تقول مررتُ وتحذف (الباء) مع مدخولها، ومر بي زيدٌ ولا تُضمر، فلا تقل ضربتهُ وضربني زيدٌ ولا مررتُ به ومر بي زيدٌ.
وقد جاء في الشعر ضرورةً فيحفظ ولا يقاس عليه:
إذا كُنْتَ تُرْضِيهِ، وَيُرْضيكَ صاحبٌ، صاحبٌ هذا اسم ظاهر متنازع فيه، طلبه الأول: تُرْضِيهِ على أنه مفعول به له، وطلبه الثاني: يُرْضيكَ على أنه فاعل، فأُعمل الثاني لذلك رفُع، لو أُعمل الأول لقيل صاحباً، وإنما أُعمل الثاني، حينئذٍ افتقر الأول إلى ضميرٍ منصوب، الأصل فيه عدمُ جواز ذكره، بَلْ حَذْفَهُ الْزَمْ، لكنه صرح به هنا نقول شذوذاً، يعني يحفظ ولا يقاس عليه. وإن كان الطالب له هو الثاني وجب الإضمار، فتقول: ضربني وضربتُه زيدٌ، ضربتهُ زيدٌ، زيدٌ هذا فاعل لضربني الأول، والثاني يفتقر إلى مفعول به، حينئذٍ عاد الضمير على متأخرٍ في اللفظ دون الرتبة، وهذا لا إشكال فيه، ومر بي ومررت به زيدٌ، مر بي زيدٌ أُعمل الأول حينئذٍ احتجنا إلى الإضمار في الثاني، ولا يجوز الحذف فلا تقول ضربني وضربت ُزيدٌ، لا يجوز الحذف من الثاني، بل يجب ذكره، ولا مر بي ومررت زيدٌ، وقد جاء في الشعر كقوله: