قال: يجب إضمارهُ، فحينئذٍ إما أن يضمر متصلاً وإما أن يضمر متأخراً، قال: لا يجوز إضماره متصلاً، فلا تقل: كنتهُ وكانَ زيدٌ صديقاً، وإنما تقول: كنتُ وكانَ زيدٌ صديقاً إياهُ، حينئذٍ إذا قلت: إياهُ متأخراً، عاد الضمير على متقدمٍ في الذكر دون الرتبة؛ لأن رتبة إياهُ كنتهُ، لو قلت: كنتهُ عاد الضمير على زيد، وهو خبر كان الثانية، حينئذٍ عاد الضمير على متأخرٍ في اللفظ والرتبة، تفادياً لهذا المحذور وجب تأخيره فقلت: كنتُ كانَ زيدٌ صديقاً إياهُ، حينئذٍ عاد الضمير على متقدمٍ في اللفظ دون الرتبة؛ لأن إياه متقدمٌ في الرتبة، رتبته بعد كنتُ، وزيد هذا متأخر، إذاً عاد عليه في اللفظ دون الرتبة، وهذا جائز، من أجل تفادي عود الضمير على متأخرٍ في اللفظ والرتبة، حينئذٍ وجب تأخير الضمير؛ لأن عندنا أمران: إما أن يحذف، وهو عمدة في الأصل، وإما أن يبقى في محله، فيعود على متأخر في اللفظ والرتبة، وكلاهما ممتنع، لو حذفته حذفت ما هو عمدة في الأصل، وهذا ممتنع، ونحن قلنا: وَحَذْفَ فَضْلَةٍ، لا بد أن يكون فضلة ليس بعمدة، فتفادياً لهذه لا بد من ذكره، فإن ذكرته في محله (كُنتهُ) وقعت في محذور آخر، وهو: عود الضمير على متأخر لفظاً ورتبةً، إذا وجب تأخيره تفادياً لهذه القاعدة.

وظنَّنِي وظننتُ زيداً عالماً إياهُ، (إياه): هذا خبر الأول (ظنني)، (ظنني إياهُ) وظننتُ زيداً عالماً، أعملتَ الثاني: زيداً عالماً، مفعولان لـ (ظننتُ)، والأول (ظنني) المفعول الأول الياء، المفعول الثاني محذوف، الأصل أنه يجب إضماره فتصله بالعامل، لكن من أجل أن يعود على متأخرٍ لفظاً ورتبة، حينئذٍ وقعنا في محذور فوجب تأخيرهُ، تقول (ظنني إياه) هذا الأصل، وظننت زيداً عالماً، فوجب التأخير لما ذكرناه، هذا مثال لـ (إِنْ يَكُنْ غَيْرَ خَبَرْ)، الأول لـ (كان)، والثاني لباب (ظن).

وظننت منطلقة وظنتني منطلقاً هند إياها، ظننت منطلقة: ظننت هنداً منطلقةً، هذا الأصل، وظنتني منطلقاً هندٌ، أعمل الثاني وهو: منطلقاً هندٌ، وأضمر في الأول المفعول؟؟؟.

إذاً: المثال الأول لخبرٍ، هو لـ (كان)، والمثال الثاني لخبرٍ، هو باب (ظن)، بقي المفعول الأول لباب (ظن)، لو قلت: ظننتُ منطلقةً الأصل ظننتُ هنداً منطلقةً، منطلقةً هذا المفعول الثاني (لظننت)، وظنتني منطلقاً هندٌ، (ظنتني) الياء هذا هو مفعول أول، وهند هي الفاعل، ومنطلقاً هذا المفعول الثاني، ما هو الاسم المتنازع فيه؟

هندٌ هو المتنازع فيه، يريده الأول على أنه مفعول أول، ويريده الثاني على أنه فاعل، فأعطيناه الثاني على أنه فاعل، فأضمرنا في الأول، يجب الإضمار، مع كون كلام الناظم أنه مما يجب حذفه، لكن نقول: هذا يستدرك عليه، فتقول (ظننت منطلقةً وظنتني منطلقاً هندٌ إياها)، هذا مثال للمفعول الأول الذي لا يجوز حذفه، ويُستدرك فيه على الناظم.

مثال ما يوقع في اللبس، وهو ليس خبراً: (استعنتُ واستعان عليَّ زيدٌ بِهِ)، (بِهِ) هو المتعلق باستعان الأول، إن قلت استعان به، الضمير عاد على متأخرٍ في اللفظ والرتبة، حينئذٍ لو حذفته، قلتَ: استعنتُ واستعان علي زيدٌ، استعان علي زيدٌ واضح، لكن استعنتُ به أو عليه؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015