وهذه هي الصعوبة في النحو، لا بد أنك إذا أردت أن تُعرب هذه المواضع السابقة أن تستحضر شروط الإعمال في كل الأبواب، وهذا صعب؛ لأنه يحتاج إلى ممارسة، لا تثبت المعلومات إلا بالممارسة، ولذلك قد يُدرس النحو سهل، لكن عند التطبيق تأتي الفضائح، لماذا؟ لأنه إذا أراد أن يُعرِب حينئذٍ لا بد أن يستحضر الأول، يعني الآن لو أردنا أن نُعرب كل ما سبق .. هذا كله لا بد أن يكون مستحضر، يأتيك مبتدأ، يأتيك خبر، يأتيك كان واسمها، وشروط .. تقديم .. تأخير .. وجوب تقديم .. جواز .. أشياء كلها لا بد أن تكون مستحضرة في الذهن، إذا لم تكن لا تستطيع أن تعرب أبداً، وإذا لم تستحضرها -لا على جهة الشرح والإيصال هذا له لغة الخاصة-، وإنما على جهة التطبيق؛ أن تعرف النتيجة الخلاصة، هذه ثمانية شروط .. إلى آخره، لا بد أن تعدها عداً، حينئذٍ يسهل معك النحو، وأما هكذا فبينك وبينه بُعدَ المِشْرقََين.

حينئذٍ نعلم أنه لا تنازع بين حرفين، لا يقع التنازع بين حرفين عند الجمهور .. أكثر النحاة على هذا، وخالف الصبّان قال: لا، قال بل قد يقع تنازع بين حرفين؛ لماذا؟ قالوا: لضعف الحرف، الحرف ضعيف، ولفقد شرط صحة الإضمار في المتنازعين، إذ الحروف لا يضمر فيها؛ لأنه سيأتي إذا أعملنا الثاني أضمرنا في الأول، حينئذٍ إذا أعملنا الحرف الثاني نضمر في الأول، والإضمار لا يكون في الحرف.

إذاً شرط صحة التنازع ليست موجودة بين حرفين، إذاً لا تنازع بين حرفين، وإذا جاء حرفان متكرران حينئذٍ يكون من باب التأكيد:

لاَ لاَ أَبُوحُ بِحُبِّ بَثْنَةَ إِنَّهَا

لاَ لاَ، (لا) الثانية هذه تأكيد للأولى، وليس عندنا أنه طلب ما بعده، إذاً لا تنازع بين حرفين ولا بين حرفٍ وغيره يعني: بين حرف وفعل مثلاً، أو حرف واسم نقول: لا؛ لا تنازع بين حرفين ولا بين حرفٍ وغيره.

ولا بين فعلين جامدين، لا يقع بين نعم وبئس مثلاً، يطلبان ما بعدهما؛ للفصل بين العامل ومعموله بأجنبي، وإذا فُصِل بينهما حينئذٍ ضعُف العامل؛ لأنك إذا أعملت الثاني أضمرت في الأول، حينئذٍ نقول الفصل بين العامل الجامد والآخر الجامد بمعمول هذا يضعفه؛ لأنه هو في نفسه ضعيف.

إذاً؛ ولا بين فعلين جامدين، والعامل الجامد ضعيف، فلا يقوى على العمل وهو مفصول من معموله، ولهذا يلزم من جوَّز تنازع الجامدين أن يعمل الثاني في لفظ المفعول؛ لأنه هو المتصل به، حينئذٍ خَرج من باب التنازع، يعني من جوَّز إعمال الجامدين الفعلين يلزمه إعمال الثاني، فإذا أُلزم بإعمال واحد دون الآخر خَرج من باب التنازع؛ لأن باب التنازع شرطه: أنه يجوز إعمال الأول دون الثاني، أو الثاني دون الأول، إذا ألزم بواحدٍ منهما خرج من باب التنازع، كما ذكرناه في الاشتغال هناك.

إذاً شرط صحة التنازع ألا يتعين الأول، وألا يتعين الثاني، فإن تعين الأول بطل التنازع، وإن تعين الثاني بطُل التنازع، إذا أعملنا الجامدين حينئذٍ يتعين أن يكون الثاني عاملاً في الاسم الظاهر؛ فبطل أنه من باب التنازع.

ولا جامد وغيره؛ متصرف، ولا بين اسمين غير عاملين، ولا بين فعل متصرف وآخر جامد، أو فعل متصرف واسم غير عامل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015