لأن المثل لا يغير، وهذا المثل يضرب عند التفريط في الحاجة وهي ممكنة ثم تطلب بعد الفوت، وحكى بعض الرواة: أن أول من قال هذا المثل العيوق العبدية، وكانت تحت الأسود العبدي، فرغب عنها، وطلقها، وتزوج أخرى، فلم يحمدها، فبعث إلى الأولى يخطبها، فقال:
(ألم تعلمي أني وإن كنت مذنبًا ... أخو كرم ما إن يذم على عهد)
(ظلمت وضيعت الذي كلن بيننا ... وخنتك صفو الود عمدًا على عمد)
(فيا حزني ماذا فعلت وربما ... يعود على ذي الذنب ذو الفضل والمجد)
فأجابته:
(أتركتني حتى إذا ... غلقت أبيض كالشطن)
(أنشأت تطلب وصلنا ... الصيف ضيعت اللبن)
قال الشارح: فعلى هذه الرواية تفتح التاء لأن المثل خوطب به مذكر والله أعلم بحقيقة ذلك، والشطن: الحبل الطويل.
(وتقول: فعل ذاك عودًا وبدءًا)
قال الشارح: معناه أولاً وآخرًا، والعود: مصدر عاد يعود عودًا، البدء: مصدر بدأ يبدأ بدءًا، فإذا بدأ الرجل بعمل شيء، ثم عاد له، فقد فعله عودًا وبدءًا.
قوله: (رجع عوده على بدئه)
قال الشارح: معناه رجع من حيث جاء، كما تقول: رجع فلان في حافرته ورجع أدراجه وإن شئت رفعت، فقلت: عوده على بدئه، فترفع عوده بالابتداء وعلى بدئه: الخبر، والجملة: في موضع نصب على الحال من الضمير في رجع، والعامل فيه: