رد عثمان بن سعيد على المريسي

قوله: (ويدل على ذلك كتاب الرد الذي صنفه عثمان بن سعيد الدارمي أحد الأئمة المشاهير في زمن البخاري صنف كتاباً سماه: (نقض عثمان بن سعيد على الكاذب العنيد فيما افترى على الله من التوحيد)) ، وهذا الكتاب مشهور معروف مطبوع فيه خير كثير، رد فيه على شبهات المريسي، وبه يتبين أن أكثر التأويلات التي شاعت في كتب المتأخرين من المتكلمين متلقاة عنه مأخوذة منه.

قال: (حكى فيه هذه التأويلات بأعيانها عن بشر المريسي بكلام يقتضي أن المريسي أقعد بها) أي: أحكم وأرسخ في هذه الشبه، وهذه التأويلات وهذه الضلالات، (وأعلم بالمنقول والمعقول من هؤلاء المتأخرين الذين اتصلت إليهم) يعني: هذه التأويلات (من جهته، ثم رد ذلك عثمان بن سعيد بكلام إذا طالعه العاقل الذكي: علم حقيقة ما كان عليه السلف، وتبين له ظهور الحجة لطريقهم وضعف حجة من خالفهم.

[ثم إذا رأى الأئمة -أئمة الهدى- قد أجمعوا عل ذم المريسية، وهي الطريقة التي سلكها بشر ومن بعده- وأكثرهم كفروهم أو ضللوهم، وعلم أن هذا القول الساري في هؤلاء المتأخرين هو مذهب المريسي: تبين الهدى لمن يريد الله هدايته ولا حول ولا قوة إلا بالله، والفتوى -يعني: هذه الفتوى التي يكتبها الشيخ- لا تحتمل البسط في هذا الباب] ، يعني في باب تقرير شبه هؤلاء وتأويلاتهم وبيانهم والرد عليهم، [وإنما أشير إشارات إلي مبادئ الأمور] .

وقد أحسن رحمه الله في بيان أصل هذه المقالة وكيف استقرت وانتشرت بين المسلمين، وهذا كلام نفيس قد لا تجده في غير هذا الموضع، فهو تتبع تاريخي دقيق لبدعة التعطيل في باب أسماء الله عز وجل وصفاته [وإنما أشير إشارة إلى مبادئ الأمور، والعاقل يبصر فينظر] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015