عيناً قائمة بنفسها حتى يكون بائناً من الله، ولو كان عيناً قائمة بنفسها بائنة من الله؛ لقلنا: إنه مخلوق, لكن الكلام صفة للمتكلم به، فإذا كان صفة للمتكلم به، وكان من الله؛ كان غير مخلوق؛ لأن صفات الله عز وجل كلها غير مخلوقة.
وأيضاً؛ لو كان مخلوقاً؛ لبطل مدلول الأمر والنهي والخبر والاستخبار؛ لأن هذه الصيغ لو كانت مخلوقة. لكانت مجرد أشكال خلقت على هذه الصورة لا دلالة لها على معناها؛ كما يكون شكل النجوم والشمس والقمر ونحوها.
وقولهم: "منه بدأ"؛ أي: هو الذي ابتدأ به، وتكلم به أولاً. والقرآن أضيف إلى الله وإلى جبريل وإلى محمد, صلى الله عليه وسلم.
مثال الأول: قول الله عز وجل: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} [التوبة:6] , فيكون منه بدأ؛ أي: من الله جل جلاله, ومنه: حرف جر وضمير قدم على عامله لفائدة الحصر والاختصاص.
ومثال الثاني -إضافته إلى جبريل-: قوله تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} [التكوير: 19 - 20].
ومثال الثالث- إضافته إلى محمد عليه الصلاة والسلام -: قوله: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ} [الحافة: 40 - 41] , لكن أضيف إليها لأنهما يبلغانه، لا لأنهما ابتدأاه.
وقولهم: "وإليه يعود": في معناه وجهان: