يقول المصنف رحمه الله تعالى: [ثم من طريقة أهل السنة والجماعة: اتباع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم باطناً وظاهراً].
(اتباع آثار الرسول صلى الله عليه وسلم) مثل: محبة الله، والخوف من الله والتوكل على الله ونحو ذلك من الأعمال القلبية الباطنة وهي من أعظم الإيمان.
وظاهراً أي: اتباع السنة الظاهرة، مثل: إطلاق اللحية، وتقصير الثياب، والدعوة إلى الله، والجهاد في سبيل الله، والصلاة مع المسلمين، وحضور الصف الأول، والزكاة، وكثرة قراءة القرآن، والتسبيح، والإتيان بالأوامر ونحو ذلك من أعمال الظاهر.
فتجد أن أهل السنة من يلتزمون بهذا وذاك.
وقد انحرفت طوائف عن فهم السنة في هذا الموضوع، فنجد مثلاً أن طائفة تركز على أعمال القلوب، وتقول: أهم شيء هو محبة الله والخوف من الله وغيرها من الأعمال القلبية، وتسمي الأعمال الظاهرية قشوراً، وأنها ليست مهمة، فهي قشور ظاهرية.
وهذا باطل، فقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حريصين على التشبه به في صلاته مثلاً: كوضع اليدين على الصدر وغيرها.
فكانوا يتشبهون به طريقة الصلاة، إلى درجة أنهم حفظوا كل شيء في صلاته وفي صيامه وفي سكونه وفي حركته وفي حجه صلى الله عليه وسلم، والتزموا بما جاء عن الرسول الكريم في ظاهرهم وباطنهم، فالذين يقولون: إن الالتزام بأحكام الإسلام إنما هو من الاهتمام بالقشور أخطئوا خطأً كبيراً وعظيماً وخالفوا منهج أهل السنة في هذا الموضوع.
واعتقدت طائفة أخرى عكس اعتقاد الطائفة السابقة فأصبحوا يهتمون بالظاهر ويهملون الباطن، فتجد أنهم يهتمون بإطلاق اللحية وبتقصير الثياب، والصلاة بالنعال ونحو ذلك من الأعمال الظاهرة ويهملون الباطن إهمالاً كبيراً، وهذا أيضاً من الخطأ، فلا بد من التوازن والانضباط في شخصية المسلم والداعية إلى الله عز وجل، ولا بد أن يهتم بالأمرين جميعاً، وأصحاب الباطن الذين يتكلمون عن الاهتمام بالباطن لو اهتموا بالباطن حقيقة لنتج عن ذلك الاهتمام بالظاهر، لكن لوجود شبهة عندهم في عدم الاهتمام بالظاهر أصبحوا يقصرون فيه تقصيراً عظيماً، ولهذا كان من منهج أهل السنة اتباع آثار النبي صلى الله عليه وسلم في كل شيء في الظاهر وفي الباطن، فلا يصح أن يقال: إن الاهتمام بالظاهر من القشور، ويقال: إنكم أزعجتم الناس بالاهتمام بالظاهر وأشغلتم الناس باللحية وبتقصير الثياب، والناس أحوج ما تكون إلى الاهتمام الباطن، وهذا من الخطأ فإنه يجعل دين الله يعارض بعضه بعضاً، مع عدم وجود أي معارضة، فدين الله عز وجل دين واحد وليس هناك معارضة فيه، فليس الاهتمام بالباطن معارضاً للاهتمام بالظاهر، وليس الاهتمام بالظاهر معارضاً للاهتمام بالباطن، بل لا بد أن يكون الجميع على وفق سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [واتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار].
ولهذا من خالف طريقة الصحابة ومن خالف منهجهم هو ليس منهم، وبالتالي لا يكون من أهل السنة والجماعة.
فلم يُحفظ أبداً ولم يدّعِ أحد ممن يوثق بدعواه أن الصحابة رضوان الله عليهم تورطوا في الفرق التي افترقت عن جماعة المسلمين كالخوارج والشيعة والقدرية والمرجئة والجهمية والأشاعرة والصوفية فلا يعرف أبداً أن أحداً الصحابة رضوان الله عليهم كان متورطاً في إحدى هذه الفرق، ولا ينسب إلى الصحابة ما نسبه إليهم ذلك الدكتور علي سامي النشار وغيره من الكتاب الذين يكتبون في العقائد وكل ما نسبوا إلى الصحابة من الإرجاء فكلامهم باطل وفاسد، فالصحابة كانوا أعظم الناس التزاماً بالعلم والعمل والجهاد.
يقول المصنف رحمه الله تعالى: [واتباع وصية النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ) والنواجذ هي: الأضراس، (وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل بدعة ضلالة)].
ويعلمون أن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، ويؤثرون كلام الله على غيره من كلام أصناف الناس، ويقدمون هدي محمد صلى الله عليه وسلم على هدي كل أحد، ولهذا سموا: أهل السنة والجماعة، وقد سبق أن تحدثنا عن مفهوم أهل السنة والجماعة، وبينا أن طريقتهم هي الالتزام بالسنة والجماعة.