غلو الصوفية في الكرامات

أما الذين يغلون فيها فهم الصوفية، فهم يغلون في الكرامات غلواً فاحشاً إلى درجة أن بعضهم تعلم السحر من أجل إيجاد هذه الكرامات على يديه وعلى أيادي أتباعه، وممن اشتهر بهذا أصحاب الطريقة الرفاعية، فإنهم يتعلمون السحر من أجل أن يظهروا الخوارق، فإذا أظهروا خوارق العادات اعتقدوا أن هذه كرامة من الله سبحانه وتعالى، وقد سبق أن أشرنا إلى أن الصوفية يرون أن العبودية توحيد الربوبية فقط، وأن الألوهية التي هي إفراد العبادة لله عز وجل ليست قسماً من أقسام التوحيد، فاعتبروا أن الطواف حول القبور والذبح لها والاستغاثة بغير الله عز وجل ليست شركاً، فلو أن إنساناً استغاث بالأولياء أو استغاث بالجن والشياطين ونحو ذلك فليس مشركاً شركاً مخرجاً من الملة في فهمهم، وبالتالي انتشر السحر على يد الصوفية انتشاراً كبيراً في حياة المسلمين، وأصبح أقطاب السحرة ذاتهم أقطاب الصوفية في نفس الوقت، ولهذا أصبحت بعض القنوات الفضائية في هذه الأيام تجري تحقيقات ومقابلات وتنقل تقارير عن بعض أمثال هؤلاء، وتأتي بصور حية لهؤلاء الذين يبتلعون العقارب والحيات ويضعون السيوف في حلوقهم حتى تنتهي، ويشربون السم، ويدخل أحدهم في تابوت مليء بالسكاكين ويغلق عليه ثم يخرج كما هو، ويقولون: إن هذه من الكرامات! وهو لا شك أنه من السحر ومن الشعوذة، خصوصاً أن كثيراً من هؤلاء لا يرجو لله وقاراً، ولا يعظمون الله عز وجل وليسوا من أهل العلم ولا من أهل الدين؛ بل لأنهم انتسبوا إلى الطريقة الرفاعية فبدأت هذه الكرامات تنهال عليهم من كل جانب، ولا شك أن هذا من الفجور ومن السحر، بل من الكفر المخرج عن الإسلام؛ لأن الله عز وجل يقول: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} [البقرة:102] أي: أنه ليس له نصيب.

وفي كتاب: جامع كرامات الأولياء لـ يوسف بن إسماعيل النبهاني، وهو أحد الصوفية المتقدمين الذين كانوا في القرن الماضي وفي زمن الدولة العثمانية من الأشياء العجيبة، ومثاله كتاب طبقات الصوفية للشعراني، ومثل هذه الكتب تحكي الكرامات الغريبة، فبعضهم يقع في الزنا ويسمي هذا كرامة! وبعضهم ينام مع الكلاب والدواب والخنازير في أماكنها ويسمي هذا كرامة! وبعضهم يأتي مبيته ومسراه ورجوعه إلى الأماكن القذرة والوسخة ويقولون: إن هؤلاء من كبار الأقطاب! وهذا ما يكون في الجانب العملي.

وأما في الجانب العلمي فإنهم يدعون من الكرامات ما لا يخطر على بال، فيدعون أنهم يعلمون الغيب، ويدعون أنهم يعلمون الظاهر والباطن، وأنهم يعلمون كل شيء دون العرش، وأنهم يشرعون للناس، وأن الشرائع التي يقولونها هي ملزمة لهم كما أن القرآن ملزم للناس! ونحو ذلك من الأكاذيب والدجل والكفر المبين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015