عقيدة المرجئة في الإيمان

الإرجاء هو: إخراج العمل عن مسمى الإيمان؛ فإن المرجئة قالوا: إن العمل لا يدخل في مسمى الإيمان.

والمرجئة أصناف متعددة، بعضهم من الغلاة، وبعضهم أقل غلواً، لكنهم جميعاً داخل دائرة واحدة، وغلاة المرجئة هم الجهمية الذين يقولون: إن الإيمان هو المعرفة، فإذا عرف الله، وعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مسلم حتى لو لم يصدق، وهذا لاشك أنه كفر مبين، فإن إبليس يعرف الله عز وجل، وقال: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص:82].

وفرعون كفر ظاهراً وهو في الحقيقة يعرف الله؛ لأن الله عز وجل يقول: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل:14].

وقال الله عز وجل كما قال موسى: {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} [الإسراء:102].

وأبو طالب قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (يا عم! قل: لا إله إلا الله.

كلمة أحاج لك بها عند الله) فقال للنبي: هو على ملة عبد المطلب، فكفر مع أنه كان يعلن للناس ويقول: ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينا الطائفة الأولى: الغلاة من المرجئة وهم الجهمية، وهؤلاء كفرهم السلف مثل ابن المبارك وغيره.

الطائفة الثانية من المرجئة قالوا: إن الإيمان هو التصديق، وأخرجوا ثلاثة أشياء: أخرجوا قول اللسان، وعمل القلب، وعمل الجوارح، وهؤلاء هم الأشاعرة والماتريدية، وهم الضالون في هذه المسائل.

الطائفة الثالثة من المرجئة: الذين قالوا: الإيمان هو تصديق القلب، وقول اللسان، وعمل القلب بدون عمل الجوارح، وهؤلاء أيضاً: من الضالين في هذه المسألة، وهم وإن كانوا أقل غلواً وأقل بدعة من أولئك لكنهم في دائرة البدعة، فإن من أخرج عمل الجوارح عن حقيقة الإيمان مرجئ.

تنبيه: المرجئة لا يقولون: إن عمل الجوارح والقلب ليس من الإيمان، بمعنى: أنها ليست من أحكام الدين بالكلية، فهذا لا يقوله أحد، حتى الذي يقول هذا كافر لا يمكن أن يقوله، لكنهم يقولون: عمل القلب وعمل الجوارح وقول اللسان من الإيمان، لكن لا يترتب عليه كفر، فإذا ترك قول اللسان فهو مثل الذي يفعل معصية، وإذا ترك عمل القلب فهو مثل الذي يفعل معصية، وإذا ترك عمل الجوارح فهو مثل الذي يفعل معصية، ولهذا يصرح الأشاعرة بأن من ترك قول وعمل القلب واللسان وعمل الجوارح أنه يعذب في النار، لكنهم لا يعتقدون أنه كافر في الدنيا ويخلد في النار.

وكذلك الذي يقول: إن أعمال الجوارح ليست من الإيمان، لا يقول: إن الصلاة والصيام والحج ليست من الدين، هذا لا يقوله مسلم، لكنهم يقولون: إن من ترك عمل الجوارح بأكملها فإنه لا يكفر، لكنه يعتبر عاص من العاصين، وهذا خطأ كبير، فإن من ترك قول اللسان وعمل القلب وعمل الجوارح بالكلية فهذا كافر بالله رب العالمين يقام عليه حد الردة في الدنيا، وأحكام الكفر في الدنيا، ويكون في الآخرة من المخلدين في النار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015