ثم ذكر الشيخ بعد ذلك آيات تدل على إثبات صفة السمع والبصر لله سبحانه وتعالى.
لكن قد يقول قائل: ما هو الفرق بين هذه الآيات التي ذكرها هنا وبين الآيات السابقة في إثبات صفة السمع والبصر؟ ذكر الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى في التنبيهات اللطيفة أن الفرق هو: أن الآيات السابقة في إثبات السمع والبصر على أنها صفات ذاتية لله عز وجل، وأن الآيات هنا هي على إثبات صفة السمع والبصر على أنها صفات فعلية لله سبحانه وتعالى، يقول الله عز وجل: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة:1]، وقوله: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران:181]، والمقصود بهم اليهود الذين قالوا: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ} [المائدة:64]، فإنهم لما نزل قول الله عز وجل: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة:245] قالوا: إن ربك فقير ونحن أغنياء يحتاج منا القرض، فأنزل الله عز وجل هذه الآية: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء ُ} [آل عمران:181]، وهذا السمع يقتضي التهديد مع إثبات صفة السمع في ذاتها.
ويقول الله عز وجل: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} [الزخرف:80].
ويقول: {قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه:46].
ويقول: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق:14].
ويقول: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الشعراء:218 - 220].
ويقول: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة:105].
نقف عند هذا الحد، وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا إياكم للعلم لنافع والعمل الصالح.