هناك فوائد تربوية عظيمة جداًً من إثبات صفة اليدين والعينين لله عز وجل، منها: أن إثبات صفة اليدين لله عز وجل تدل على أن الله سبحانه وتعالى كريم وكثير العطاء، وأنه تواب رحيم، حيث ورد في بعض الأحاديث: (يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار).
فعندما يعلم الإنسان أن الله سبحانه وتعالى يبسط يديه ويقبل عن عباده تفرح نفسه بذلك، ويقبل على الله سبحانه وتعالى، وكذلك عندما يعلم أن الله سبحانه وتعالى كريم، فإنه يكثر من دعائه، فلو أن الإنس والجن اجتمعوا في مكان واحد، وكل واحد منهم سأل مسألته فأعطاه الله مسألته، ما نقص من ملك الله عز وجل إلا كما تنقص الإبرة عندما توضع في البحر، فماذا تحمل الإبرة من هذا البحر العظيم؟ فملك الله عظيم، وعطاؤه كثير، والإنسان ينبغي عليه دائماً أن يتعلق بالله عز وجل، والمخلوق مهما يكن عنده من الأموال أو العطاء أو الملك فهو ملك محدود وبسيط، وإثبات هذه الصفات يدعو الإنسان دائماً للتعلق بالله سبحانه وتعالى.
وفي إثبات صفة العينين لله عز وجل يظهر لنا معنى الحفظ، وأن الله عز وجل يحفظ عباده الصالحين من كيد الأعداء، فهذا الدين كيد له بشكل كبير جداً، ولو أن ديناً آخر غير هذا الدين كيد له كما كيد لهذا الدين لما بقيت له باقية أبداً، لكن الله عز وجل يحفظ هذا الدين ويحفظ أهله، يقول الله عز وجل: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9].
وقد حفظ الله هذه الأمة بوجود طائفة فيها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك)، بل إنه حفظ كل قرن من الزمان بمجدد يبعثه الله عز وجل على رأس كل مائة عام يجدد للأمة أمر هذا الدين، فمهما تخلفت هذه الأمة وتراجعت فإن المجدد موجود، والطائفة موجودة، والحق ثابت وبين وواضح، فهذا من حفظ الله عز وجل لهذه الأمة.
كما أن الله عز وجل يحفظ هذا الإنسان من الشرور، قال تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [الرعد:11].
وكذلك من الآثار التربوية والسلوكية المأخوذة من إثبات صفة العينين نمو المراقبة في نفس الإنسان؛ فإن الإنسان عندما يعلم أن الله عز وجل مطلع عليه، وأن الحواجز التي يضعها يخترقها نظر الله عز وجل وبصره، وأن الله عز وجل يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ويرى الإنسان في كل مكان، حتى لو اختبأ بجنح الظلام أو في أي مكان من الأماكن فالله مطلع عليه، وهو يراه سبحانه وتعالى بعينيه؛ ولهذا يجب عليه أن يراقب الله عز وجل وأن يخاف منه.
وكل صفات الله عز وجل لها آثار تربوية عظيمة جداً في سلوك الإنسان وأخلاقه وآدابه.