ومن الصفات المتعلقة بصفة اليدين ما يلي: أولاً: صفة الأخذ، وقد ورد الأخذ في حديث ابن عمر رضي الله عنه في صحيح مسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يأخذ الله عز وجل سماواته وأراضيه بيديه فيقول: أنا الله الملك)، فصفة الأخذ متعلقة بصفة اليدين.
ثانياً: صفة الأصابع، وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب فقال: يا أبا القاسم! إن الله يمسك السماوات على إصبع، والأراضين على إصبع، والجبال على إصبع، والشجر على إصبع، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه، ثم قرأ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام:91]).
وهذا الحديث رواه البخاري ومسلم.
وعندما تقارن بين هذا الحديث والذي قبله دل على أن هذه الأصابع متعلقة باليد، لكنها لا تشبه أصابع وأيدي المخلوقين، ولا يجوز للإنسان أن يكيفها بصورة معينة، فهذا التكييف الذي في ذهن الإنسان كذب وبهتان وزور وبدعة في نفس الوقت.
ولما جاء رجل إلى الإمام مالك فقال له: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] كيف استوى؟ قال: الاستواء معلوم والكيف مجهول -يعني: له كيف لكنه مجهول لا نعلمه- والإيمان به واجب، يعني: أن نؤمن بأن له كيفاً لا نعرفه، والسؤال عنه بدعة.
وهذه قاعدة قررها الإمام مالك، وقيل: أنها من كلام عائشة رضي الله عنها أو أم سلمة، وقيل: إنها من كلام شيخ الإمام مالك وهو ربيعة الرأي، وهي قاعدة عامة من قواعد السلف في باب الصفات، فلا يجوز أن تتخيل له الصفة؛ لأن هذا من علم الغيب، وعلم الغيب غيب بالنسبة لنا، ولا يجوز للإنسان أن يكيفه.
فكل تكييف في ذهن الإنسان بدعة من جهة، وهو في نفس الوقت كذب من جهة أخرى، فلا يجوز للإنسان أن يكيف صفات الله عز وجل في ذهنه بصورة أياً كانت هذه الصورة، سواء كانت على صورة الخلق أو على أي صورة يتخيلها الإنسان.
ثالثاً: صفة الإمساك، وهذا وارد في الحديث السابق، فإنه قال: (إن الله يمسك السموات على إصبع).
رابعاً: صفة الكفين والأنامل، فقد ورد الكف في حديث اختصام الملأ الأعلى، وهو أنه رأى ربه في منامه في أحسن صورة، وفي هذا الحديث الطويل: (فرأيته وضع كفه بين كتفي حتى وجدت برد أنامله في صدري)، والأنامل هي الأصابع، والكف متعلق بصفة اليد، وهو كما يليق بجلال الله عز وجل سبحانه وتعالى، وفي بعض الألفاظ: (وضع يده).
خامساً: صفة البسط والقبض، يقول الله عز وجل: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة:64]، وفي حديث النزول في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (ثم يبسط يديه تبارك وتعالى ويقول: من يقرض غير عدوم ولا ظلوم؟).
ومن أسمائه سبحانه وتعالى الباسط، فالباسط يشتمل على صفة البسط، قال تعالى: {أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} [الزمر:52]]، وهذه صفة فعلية، ويشمل أيضاً على بسطه ليديه سبحانه وتعالى، وهي لائقة بجلاله لا تشبه أيدي المخلوقين.
وأما القابض فورد في حديث: (يقبض الله تبارك وتعالى الأرض يوم القيامة)، ويدل عليه قول الله عز وجل: {وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر:67].
سادساً: صفة الطي، يقول الله عز وجل: {وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر:67]، ويقول أيضاًً في الحديث الصحيح الثابت في البخاري وفي مسلم (يقبض الله تبارك وتعالى الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه)، وهذا الحديث موافق لمعنى الآية.
سابعاً: صفة الحثو بالكفين، ففي حديث السبعين ألفاً الذين يدخلهم الله عز وجل الجنة بغير حساب ولا عذاب، فيه: (ثم يحثو ربي ثلاث حثيات بكفيه)، وهذا حديث صحيح.
ثامناً: صفة الكتابة والخط، يقول الله عز وجل: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً} [الأعراف:145] إلى آخر الآية، وقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبياء:105]، وفي حديث احتجاج آدم وموسى، أن آدم قال لموسى: (أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه وخط لك التوراة بيده)، والكتابة من الأركان الأساسية في الإيمان بالقدر، وأن الله عز وجل كتب مقادير كل شيء قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.
والكتابة تحتمل عدة معان، منها: الاحتمال الأول: أنه أمر القلم أن يكتب.