وتلقف هذه البدعة الشنعاء عن الجعد بن درهم الجهم بن صفوان، وهذا لم يكن من أهل العلم ولا عرف عنه أنه طلب العلم بالطريقة التي كان يطلبها السلف الصالح رضوان الله عليهم، وقد كانت في تلك الفترة مجالس العلم منتشرة، وأهل العلم في كل مكان يدرسون ويملون ويفتون الفتاوى المشهورة، لكن الجهم بن صفوان ما درس العلم، وإنما كان يجلس في بيته، والتقى بمجموعة من الوثنيين من الهنود يسمون: السمنية، وكان هؤلاء السمنية ينكرون غير المحسوسات، وعندهم أنه لا يثبت شيء ولا يمكن للإنسان أن يعرف شيئاً إلا بالمحسوسات فقط، فلما ناقشهم عن الله عز وجل قالوا له: هل رأيته وذقته ولمسته؟ قال: لا.
ولجهله وضعفه بقي في بيته قرابة أربعين يوماً محتاراً لا يصلي، وهذه هي المشكلة: الجهل، وغالباً البدع لا تظهر إلا من أشخاص لم يدرسوا العلم، ولم يعرفوه، ولم يتفقهوا الفقه السليم الصحيح على دين الله عز وجل، فهذه حالة من حالات الجهم.
وهناك حالات أخرى تقع في المجتمعات، ولو أنكم تتبعتم أصحاب الفتن منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى زماننا المعاصر لوجدتم أن لهم سمات معينة، منها: أولاً: أنهم ليسوا من أهل العلم.
ثانياً: لا يتدارسون مع أهل العلم.
ثالثاً: أنهم من المستعجلين.
رابعاً: أنهم يأخذون بطرف، ويتركون أطرافاً، ويعملون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض.
فـ الجهم بن صفوان أنكر صفات الله سبحانه وتعالى، ومنها: الصفات الاختيارية، وقال: إن الله عز وجل هو هذا الهواء الموجود في كل مكان، وليس له اسم ولا صفة، فقتله سلم بن أحوز في خراسان.