وأول من عرف بنفيه لهذه الصفات هو الجعد بن درهم، وأنتم تعلمون أن أول فرقة خرجت وشقت صفوف المسلمين هم الخوارج الذين كفروا المسلمين بالذنوب، وكانت المشكلة مع الخوارج في باب الإيمان حيث إنهم يعتبرون الفاسق الذي يرتكب المعاصي كافراً خارجاً عن الإسلام ويطبقون عليه أحكام الكفر.
وثاني فرقة خرجت هي: الشيعة، وثالث فرقة: القدرية الذين ينكرون القدر، ورابع فرقة: المرجئة، وهذه الفرق الأربع هي أصول الفرق كما ذكر غير واحد من السلف، ولم يحصل أن اختلف أحد في صفات الله عز وجل حتى ظهر الجعد بن درهم الذي كان مربياً ومعلماً لآخر حكام الدولة الأموية الذي يسمونه: مروان الحمار، ولقب بـ الحمار لقوته وقوة تحمله، ويلقبونه بـ الجعدي، نسبة إلى شيخه الجعد بن درهم.
الجعد بن درهم نفى الصفات عن الله عز وجل، فكان من الصفات التي نفاها عن الله عز وجل: الصفات الاختيارية، ويقول: الله عز وجل لا يتكلم أبداً، وهو سبحانه وتعالى لا يبصر، وهو سبحانه وتعالى ليس له يدان ولا قدمان ولا عينان، وهو سبحانه وتعالى لا ينزل ولا يغضب، ولا يرضى ولا يحب، إلى آخر ما هنالك من الصفات الموجودة في كتاب الله عز وجل، نفاها جميعاً فقتله خالد بن عبد الله القسري، وكان خالد عاملاً للعباسيين على العراق، فجاء إلى الناس في يوم عيد الأضحى وقال: ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضح بـ الجعد بن درهم فإنه زعم أن الله لم يكلم موسى تكليماً، ولم يتخذ إبراهيم خليلاً، فنزل وذبحه في أصل المنبر.