قوله: (وسيد المرسلين)
أي: أفضلهم، ودليل ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة) (?).
أي: هو أفضل ذرية آدم من أولهم إلى آخرهم بما فيهم من الأنبياء والمرسلين، ومن الأدلة ـ أيضا ـ أنه يوم القيامة عندما يطلب الناس الشفاعة من آدم، وأولي العزم فيترادّونها حتى ينتهي الأمر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيقول: (أنا لها فأستأذن على ربي فيؤذن لي ويلهمني محامد أحمده بها لا تحضرني الآن فأحمده بتلك المحامد وأخر له ساجدا فيقال يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعط واشفع تشفع). (?)
وهذا هو المقام المحمود الذي خصّهُ الله به وفضّلهُ به قال تعالى: ((عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا)) [الإسراء: 79] (?)
ولا شك أن الأنبياء، والرسل متفاضلون بنص القرآن، فأفضلهم على الإطلاق محمد - صلى الله عليه وسلم -، ويليه إبراهيم، ويليه بقية أولوا العزم، وهم في المشهور عند أهل العلم أنهم خمسة: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد، وهم المذكورون في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} [الأحزاب: 7]، وقوله تعالى: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى} [الشورى: 13] إذًا؛ فأفضل الأنبياء والرسل هم أولوا العزم، وأفضلهم الخليلان، فالله تعالى قد أخبر أنه اتخذ إبراهيم خليلا {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [النساء: 125]، وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله اتخذه خليلا كما اتخذا إبراهيم خليلا (?)