((قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إلي)) [الأنعام: 50]، وهكذا قال نوح لقومه: ((وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ)) [هود: 31].
فأول الرسل وآخرهم تبرءوا من دعوى هذه الأمور إلا ما أعطاهم الله منها، والمقصود من ذكر هذا المعنى: بيان أن خوارق العادات مدارها على هذه الثلاث: إما أن ترجع إلى القدرة والتأثير، أو العلم، أو الغنى.
وتسمى الخوارق العلمية المتعلقة بالعلم: الخوارق الكشفية؛ لأن خرق العادة بعِلْمِ أمرٍ مستورٍ هو كشف لغائب.
وهذه المعاني ترجع إلى كل الخوارق سواء كانت على يد أنبياء أو أولياء فمثلا: عصا موسى ترجع إلى القدرة والتأثير، وكذلك فلق البحر يرجع للقدرة والتأثير.
ما ذكر الله عن أصحاب الكهف يرجع إلى الغنى؛ لأن الله أغناهم عن الطعام والشراب تلك المدة الطويلة، وكلما يخبر به الأنبياء من أمور غائبة هو من الخوارق العلمية، وهكذا دلائل نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - راجعة إلى هذه، فقد أخبر - صلى الله عليه وسلم - بأمور مستقبلة غائبة لا تزال تظهر بين حين وآخر، فهي من أعلام نبوته - صلى الله عليه وسلم -.
وذكر شيخ الإسلام: أن «عدم الخوارق علما وقدرة لا تضر المسلم في دينه، فمن لم ينكشف له شيء من المغيبات، ولم يسخر له شيء من الكونيات لا ينقصه ذلك في مرتبته عند الله؛ بل قد يكون عدم ذلك أنفع له في دينه» (?)، لذا لا يستدل بعدم حصول كرامة على عدم الولاية، كما لا يستدل بحصول خارق على الولاية؛ بل ضابطها: الإيمان والتقوى، كما قال تعالى: ((أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)) [يونس: 62].