فإن الخوارق قد تجري في الظاهر على يدي الكهان والسحرة، وهي: مخاريق، وأكاذيب، ولهذا جاء عن بعض السلف أنه قال: «لو نظرتم إلى رجل أعطي من الكرامات حتى يرفع في الهواء؛ فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي، وحفظ الحدود، وأداء الشريعة» (?).
فلا تغتر بمن حصل له شيء من ذلك حتى تعرض حاله وعمله على الكتاب والسنة؛ فإن الشياطين قد تحمل أولياءهم حتى يظن أنه يسير في الماء أو يطير في الهوى، وإنما حمله الشيطان ووضع له ما يسير عليه في الماء.
والكرامة قد تكون لحاجة العبد، فيخرق الله العادة لحاجته، وقد تكون لإقامة الحجة، وكل كرامة وخارق للعادة على يدي ولي؛ فإنه دليل على نبوة مَن هذا الولي تابع لشريعته.
من خوارق العادات التي جرت على يد بعض الأنبياء ـ وتسمى: المعجزات ـ ما جرى لخليل الله إبراهيم عليه السلام عندما ألقي في النار فصارت عليه بردا وسلاما، حين قال الله لها: ((يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ)) [الأنبياء: 69] فهل استحالت النار وصارت روضة بحيث لو دخلها غيره لم تضره؟ لا؛ بل هي على إبراهيم عليه السلام فقط.
وهذا دليل على نبوته - صلى الله عليه وسلم -، فخرق العادة لإبراهيم هو للحاجة والحجة، للحاجة؛ لأنه ألقي فيها، فهو محتاج إلى أن ينجيه الله من النار، فنجاه الله منها، ((فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ)) [العنكبوت: 24] وللحجة؛ لأن هذا دليل على صدق نبوته حيث نجاه الله من النار.