ما تثبت به النبوة على المعجزة، وهي الأمر الخارق للعادات، ونتج عن قولهم ذلك ـ مع بطلانه وتقدم تفنيده (?) ـ نفي كرامات الأولياء، فقالوا: لا يجوز خرق العادة إلا لنبي؛ لأنه لو خرقت العادة لغير نبي لالتبس على الناس أمر النبي بالولي، فلا يحصل التمييز.
وأجيب عن هذه الشبهة: بأن الولي الذي تحصل على يديه الكرامة، وهي: الأمر الخارق للعادات لا يدعي النبوة إذ لو ادعى النبوة لم يكن وليا، ولم يكن ما جرى على يده كرامة؛ بل هو مَخْرَقة وفتنة.
فلهذا كان من المسائل التي ينبه عليها أنها من مذهب أهل السنة: إثبات كرامات الأولياء، والمقصود: إثبات جنس الكرامات؛ لأنه ليس كل ما يذكر يكون ثابتا، ويجب التسليم به.
فما يروى ويذكر من كرامات الأولياء منها ما هو ثابت في القرآن أو في السنة أو في أخبار صحيحة، ومنه ما يروى ولم تحقق صحته ولا كذبه؛ فهذا لا يلزم التصديق به، كما لا يجوز نفيه بغير حجة.
ومن كرامات الأولياء التي في القرآن ما في قصة مريم وولادتها لعيسى عليه السلام؛ فإن ولادتها لعيسى بلا أب خارق للعادات.
ومن كرامات الأولياء التي في القرآن ما جاء في قصة أصحاب الكهف حيث بقوا في كهفهم مدة طويلة، قال تعالى: ((وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا)) [الكهف: 25] بقوا في كهفهم يقلبهم ربهم: ((وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ)) [الكهف: 18] وعاشوا هذه المدة الطويلة، بلا طعام ولا شراب، وبعد ذلك يستيقظون ويتحدثون ولم يشعروا بما جرى لهم ((قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ)) [الكهف: 19].
وجماع صفات الكمال: الغنى والعلم والقدرة، ويستشهد لهذا بأن الله تعالى أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - ألا يدعي شيئا منها إلا ما أعطاه الله: