تعالى: (تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً) (مريم: الآية25) بدأت تهز بالجذع، ويتساقط الرطب (جَنِيّاً) أي مخروفا، فكان يسقط هذا الرطب اللين جدا ًمن مكان عال على الأرض ويبقى كما هو، وكأنه مخروف باليد.

وهذه آية خارقة للعادة، فالعادة أن الرطب إذا سقط من مثل هذا المكان تفتت وتمزق، لكن هذا بقي كأنه مخروف باليد.

(فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً) (مريم: الآية26) وكل هذا أيضاً من آيات الله عز وجل، حيث تقر عيناً في هذا المكان الخالي.

وأصحاب الكهف أيضاً أعطاهم الله كرامة، فإنهم خرجوا من قومهم المشركين مهاجرين إلى الله عز وجل، فهيأ الله لهم كهفاً - أي غاراً - في الجبل موجهاً توجيهاً تاماً إلى ما بين الشمال والشرق فإذا طلعت الشمس تزاور عن كهفهم ذات اليمين، وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال، حيث إن اتجاهه إلى الشمال الشرقي حتى لا تدخل الشمس عليهم فتؤذيهم أو تتلف أجسامهم.

فبقوا ثلاثمائة سنة بل زادوا تسع سنين وهم لم يحتاجوا لأجل ولا شرب ولا بول ولا غائط ولا شيء، وهذا غير معتاد، ثم إن الله تعالى بحكمته ورحمته يقلبهم ذات اليمين وذات الشمال؛ لأنهم لو بقوا على جنب واحد لتأثر ذلك الجنب، ولكن الله يقلبهم ذات اليمين وذات الشمال.

وفي هذا دليل على أن النائم لا يكون مستلقياً ولا منبطحا على بطنه، إنما هو على يمين أو شمال، وفيه أيضاً دليل على أن النائم لا ينسب إليه الفعل؛ لأن الله قال: (وَنُقَلِّبُهُمْ) (الكهف: الآية18) ولم يقل: ((يتقلبون)) .

إذا بقوا هذه المدة وهم لم يتغيروا، حتى شعورهم وأظفارهم بقيت على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015