شيئاً فشيئاً؛ والطعام شاهده لم يتغير، وقد بقي مائة سنة - وهي ليست بهينة - ولم يتغير فآمن أن الله قادر على ألا يغير الشيء مع طول المدة، وقادر على أن ينشئ الشيء مرة أخرى، ففي هذه الآية طرد وعكس، ففيها إبقاء الشيء على ما هو عليه، وإنشاء الشيء من جديد وكل ذلك كرامة لهذا الرجل.

كذلك من الأدلة قصة مريم، وهي ليست نبيه، أرسل الله تعالى إليها رسوله جبريل، فنفخ فيها من روح الله عز وجل، أي نفخ في فرجها روحا، فالتقمها الرحم، وصار إنساناً بشراً - وهو عيسى عليه الصلاة والسلام - (فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ) (مريم: الآية23) يعني أدركها إلى جذع نخلة، فقالت: (يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً) (مريم: الآية23) ، وهي هنا لم تتمن الموت، لكن تمنت أنها ماتت قبل أن تحصل هذه الفتنة؛ لأنها تعرف أن بني إسرائيل سيتهمونها كما وقع، والمسألة ليست هينة بل هي عرض.

(فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً) (مريم: 24) أي نهراً، وكان هذا النهر كرامة لها.

(وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً) (مريم: 25) الله أكبر! امرأة أدركها المخاض - والمرأة إذا أدركها المخاض تكون ضعيفة جدا - تهز بجذع النخلة، وليس برأس النخلة! ثم إن الهز بجذع النخلة لا يجعل النخلة تتحرك أصلاً.

قال تعالى: (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً) (مريم: 25) والرطب من المعلوم أنه بعيد لا تدركه هي ولو أدركته لأخذته، فقال الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015