فالسحرة يفعلون ما يعجز عنه البشر، لكن بالسحر، ولهذا نقول كان من الأولى أن يعبر عن معجزات الأنبياء التي تسمى معجزات بالآيات.
وقد قال بعض الناس: إن معجزات السحرة لا تشتبه بآيات الأنبياء؛ لأن آيات الأنبياء مقرونة بالتحدي، وهذا غير صحيح؛ لأن آيات الأنبياء تارة تكون تحدياً؛ وتارة تكون ابتداءً بدون تحد. فقد جاء الصحابة رضي الله عنهم إلى الرسول عليه الصلاة والسلام في غزوة الحديبية، وقالوا له: يا رسول الله، ليس عندنا ماء، فدعا بإناء فوضع أصابع يده عليه فجعل الماء يفور من بين أصابعه (?) ، وليس في هذا تحد، وهم رضي الله عنهم لم يقولوا له ائتنا بآية، بل شكوا إليه قلة الماء فجاءت هذه الآية.
وآيات الرسول صلى الله عليه وسلم كثيراً ما تكون بغير تحد، كما جاءه الرجل وهو على المنبر صلى الله عليه وسلم، فقال: ادع الله أن يغيثنا: فدعا صلى الله عليه وسلم فأغيثوا قبل أن ينزل من منبره، وجاء في الجمعة الثانية، وقال: ادع الله أن يمسكها عنا فدعا فانفرجت السماء (?) ، وليس في هذا تحد.
وقال بعض الناس: إن معجزات الأنبياء تشبه كرامات الأولياء، فلذلك يجب أن ننكر إما آيات الأنبياء أو كرامات الأولياء، وآيات الأنبياء لا يمكن إنكارها فلننكر كرامات الأولياء؛ فقالوا: لا يمكن أن يوجد للأولياء كرامات، والصواب أن كرامات الأولياء ثابتة فيمن قبلنا وفي هذه الأمة.