(فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ) (الطور: 34) ، أي: حديث مثله إن كانوا صادقين فعجزوا، ولهذا قال تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ) (الطور: 33) ، أي ليس عندهم علم إلا أنهم كفار لا يؤمنون، (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ) (الطور: 34) ، وما أتوا (أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ) (الطور: 38) ، وهذا تحدٍ؛ إن كانوا صادقين فليأت مستمعهم بسلطان مبين، وكل هذا لم يكن، إذاً فالقرآن أعجز الورى؛ لأنه إذا اعجز الذين نزل بلغتهم وبوقتهم، فمن بعدهم من باب أولى ومن سواهم من باب أولى. لكن هنا ملاحظة على قول المؤلف: (ومعجز القرآن) هذا من باب إضافة الصفة إلى موصوفها لأن المعنى: والقرآن المعجز، وكان ينبغي له ألا يعبر عن آيات الأنبياء بالإعجاز؛ لأن الإعجاز ليس من خصائص الأنبياء، فإن الساحر يعجز، والبهلواني يعجز، فلما كان هذا اللفظ مشتركاً بين الحق والباطل، كان الأولى أن نأتي بلفظ يتعين فيه الحق، وهو ما نطق الله به وهو (الآيات) كما قال الله تعالى في القرآن: (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) (العنكبوت: الآية49) .

فالأولى أن يقول: آيات القرآن بدل: معجز القرآن، والأولى في جميع ما يسمى بمعجزات الأنبياء أن نسميه آيات الأنبياء؛ لأن الآيات بمعنى العلامات الدالة على صدقه.

أما المعجزات فقد يعجز الساحر وقد يعجز غيره، فإن أحداً لا يستطيع أن يجعل الحبال كأنها حيات تسعى إلا السحرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015