ثانياً: أنه لا يلزم من إثبات اليد أن تكون مماثلة ليد المخلوق، فكما أنكم تثبتون لله ذاتاً ولا ترون من اللازم أن تكون مماثلة لذوات المخلوقين، فالصفات يحذى بها حذو الذوات، وإذا كان لنا أيدٍ وللفيلة والقردة أيدٍ، فإنه لا يلزم من ذلك مشابهة أيدينا لأيدي الفيلة والقردة.

إذاً لا يلزم من إثبات اليد لله عز وجل أن تكون مماثلة لأيدي المخلوقين، كما لا يلزم من إثبات يد الإنسان أن تكون مماثلة ليد الفيل. فلا يلزم من اتفاق الشيئين في الاسم أن يتفقا في المسمى في حقيقته.

وعلى ذلك فدعواهم أن إثبات اليد يستلزم التمثيل باطل بالشرع والعقل والحس.

فبالشرع: حيث أثبت الله له اليدين في القرآن ونفى المماثلة.

وبالعقل: فإنه كما أثبتوا ذاتاً لا تشبه الذوات أو لا تماثل الذوات، فيلزم أن يثبتوا صفات لا تماثل الصفات.

وبالحس المشاهد: فكما يثبتون لأنفسهم أيدياً حقيقيةً وللفيلة أيدياً حقيقيةً ولا تتماثل؛ فهذا دليل حسي واضح.

وأما دعواهم أن المراد باليد القدرة أو النعمة فهذا يكذبه النص، فإن الله تعالى يقول لإبليس: (مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) (صّ: الآية 75) ، وإذا جعلنا اليد بمعنى القوة أو القدرة فإنه لا حجة على إبليس بهذا؛ لأنه أيضاً مخلوق بالقدرة. فهو مخلوق بالقدرة والله عز وجل ذكر ذلك احتجاجاً عليه، وإذا كان الله ذكر ذلك احتجاجاً عليه دل هذا على أن اليد ليست هي القدرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015