ثالثاً: أن نقول جاءت اليد بصيغة التثنية، وإذا فسرنا اليد بالقدرة كانت قدرة الله قدرتين وهذا ليس بصحيح، فليست قدرة الله تعالى قدرتين، بل قدرة الله معنى واحد شامل لكل شيء (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (الشورى: الآية 9) .
وكذلك نقول لمن فسرها بالنعمة: لا يمكن أن تحصر النعمة بنعمتين، والله تعالى يقول: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا) (إبراهيم: الآية 34) ؛ فدل ذلك على بطلان تفسيرها بالقدرة وبالنعمة.
وأما ما استشهدوا به فإن في السياق ما يمنع أن يكون المراد باليد اليد الحقيقية، وقد نقول: المراد باليد اليد الحقيقية في نفس ما استشهدوا به؛ وذلك لأن النعمة والإحسان والمنة في الغالب تناول باليد فيكون ذلك من باب التعبير بالسبب عن المسبب.
ثم لما كان السلف مجمعين على أن المراد باليد اليد الحقيقية، كان تفسير هؤلاء المحرفة لليد مخالفا لإجماع السلف، فلا يعول عليه.
وأما القول بأن إثبات اليد يستلزم التبعيض في الخالق، فهذا نحتاج فيه إلى تفصيل، فنقول: لا يمكن أن نطلق على شيء من صفات الله أنها بعض؛ لأن البعض ما جاز أن يفارق الكل، وصفات الله عز وجل لازمةٌ أزليةٌ أبديةٌ، فَيَدُه أزلية أبدية، وكذلك وجهه وعينه، وغير ذلك من صفاته الخبرية هي صفات أزليةٌ أبدية، لا يمكن أبداً أن تتبعض، وهذا شيء معلوم بالمعقول، فلا تُلزمونا بشيء نحن لا نعترف به، وأنتم كذلك لا تعترفون به، وإنما تذكرن ذلك على سبيل الإلزام.
وقوله: (وكل ما من نهجه) ، أي: طريقه يعني كل ما كان على هذا النحو من صفات الله فإن الواجب أن نؤمن به ونثبته لله عز وجل لكن من غير تمثيل.