وجعلنا لله مثيلاً، ثم قالوا: إذا لمراد باليد النعمة، واستشهدوا بقول الشاعر:

وكم لظلام الليل عندك من يد ... تحدث أن المأنوية تكذب

المانوية: قوم من المجوس يقولون: إن الظلمة تخلق الشر ولا خير فيها، والشاعر يقول لممدوحه: أنت تنعم ليلاً ونهاراً، فكم من نعمة بذلتها يدك في ظلام الليل تحدث أن المانوية - الذين يقولون أن الظلمة كلها شر - تكذب.

وكذلك قال مندوب قريش لأبي بكر رضي الله عنه: لولا يد لك علي لم أجزك بها لأجبتك.

ومعنى يد: أي نعمة ومنة.

فالمراد بيد الله عندهم نعمته ومنته، أو المراد بها القوة والقدرة؛ لأنه يقال: ما لهذا بهذا يد. أي طاقة وقدرة، ومنه حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه الطويل في قصة يأجوج ومأجوج: أن الله تعالى يوحي إلى عيسى بن مريم ((إني قد أخرجت عباداً لا يَدان لأحد بقتالهم)) (?) . والمعنى: لا قدرة ولا قوة لأحد بقتالهم.

وللجواب عن هذه الشبهة نقول:

أولاً: أما قولكم إن إثبات اليد الحقيقية يستلزم التمثيل فقول باطل بنص القرآن؛ لأن الذي قال: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) هو الذي قال: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَان) (المائدة: الآية 64) . وإذا قلتم: إن إثبات اليدين يستلزم التمثيل لزم أن يكون القرآن يكذب بعضه بعضا، وهذا لا تقولون به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015