وظهور الهلال لا يمكن أن يكون قبل خسوف الشمس، بمعنى أنه إذا خسفت الشمس في ليلة قلنا: إنها أول ليلة في الشهر، فهذا شيء مستحيل؛ لأن من المعلوم أن كسوف الشمس سببه - الذي جعله الله سببا كونيا - حيلولة القمر بين الشمس والأرض، وحيلولة القمر بين الشمس والأرض يمنع أن يهل الهلال قبل الخسوف؛ لأنه إذا هل الهلال قبل الخسوف لا يمكن أن يتجاوز ثم يحول بين الشمس والأرض؛ لأن المعلوم أن القمر يتأخر عن الشمس.

فسبب الخسوف الذي جعله الله سببا للخسوف في العادة. هو: حيلولة القمر بين الشمس والأرض إذا فهل الشمس سبقت في هذا الحال أو لم تسبق؟ الجواب: أنها لم تسبقه. لأنها لو سبقته لم يكن خسوف، وإذا هل الهلال لزم أن تكون الشمس قد سبقت الهلال؛ لأن الهلال لا يكون هلالا إلا بعد غروب الشمس.

وإذا كان الشمس قد سبقت هل يمكن الخسوف؟ لا يمكن أبدا؛ لأن القمر لا يمكن بعد أن تأخر عن الشمس أن يذهب بسرعة حتى يكون تحتها، هذا مستحيل لغيره؛ يعني: مستحيل حسب ما أجرى الله العادة

لكن الله قادر على أن يحبس الشمس ويسرع في سير القمر حتى يخسف بعد الغروب.

إذاً قول المؤلف رحمه الله: ((تعلقت بممكن) نقول: ضده المستحيل، فالمستحيل لا تتعلق به القدرة؛ لأنه على اسمه مستحيل، ولكن يجب أن نعلم - حتى لا يتوهم واهم إننا خصصنا ما عممه أو قيدنا ما أطلقه - أن المستحيل نوعان: مستحيل لذاته ومستحيل لغيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015