فالمستحيل لذاته: لا يمكن أن تتعلق به القدرة، كما مثلنا وقلنا: لو قال قائل: هل يقدر الله أن يخلق مثله؟

قلنا: هذا مستحيل لذاته، لأن المماثلة مستحيلة، وأدنى ما نقول في ذلك: أن هذا مخلوق والرب خالق، فتنتفي المماثلة على كل حال.

والمستحيل لغيره: بمعنى أن الله تعالى أجرى هذا الشيء على هذه العادة المستمرة التي يستحيل أن تنخرم، ولكن الله قادر على أن يخرمها، فهذا نقول إن القدرة تتعلق به، فيمكن للشيء الذي نرى أنه مستحيل بحسب العادة أن يكون جائزا واقعاً بحسب القدرة، وهذا الشيء كثير، فكل آيات الأنبياء الكونية من هذا الباب (المستحيل لغيره) ؛ فانشقاق القمر للرسول عليه الصلاة والسلام مستحيل لغيره، لكن غير مستحيل لذاته لأنه وقع، والله قادر على أن يشق القمر نصفين، بل قادر على أن يشق الشمس نصفين.

ونحن - مثلا - نرى أن من المستحيل أن تنزل الشمس حتى تحاذي منارة المسجد، ومن ادعى ذلك كذبناه، وقلنا: هذا مستحيل. لكن لابد أن نعلم أن هذا مستحيل لغيره لا لذاته، أي أنه مستحيل حسب ما أجرى الله العادة، لكن الله قادر على أن ينزل الشمس حتى تحاذي المنارة، بل ودون المنارة، فإنها يوم القيامة تكون على رؤوس الناس بقدر ميل، بقدرة الله.

فعبارة المؤلف رحمه الله: (تعلقت بممكن) تحتاج إلى بيان، فإن ظاهر كلامه أن القدرة لا تتعلق بالمستحيل، ونحن نقول: لابد في ذك من التفصيل، فالمستحيل لذاته لا تتعلق به القدرة لأنه ليس موجودا، ولا يمكن أن يوجد، ولا يفرضه الذهن، كما انه لا يمكن أن يكون الشيء متحركا ساكنا في آن واحد؛ لأنه إن كان متحركاً فليس بساكن، وإن كان ساكناً فليس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015