وقدرة الله تعالى قدرة مقرونة بالقوة، فهو القوي القادر، بخلاف المخلوق فإن قدرته محدودة، وقد تكون قدرة بقوة، وقد تكون قدرة بلا قوة.

لكن المؤلف رحمه الله قيد القدرة حيث قال: (تعلقت بممكن) ، وتعلقت بالواجب أيضاً من باب أولى، ولم تتعلق بالمستحيل؛ لأن المستحيل ليس بشيء، فضلا عن أن يكون مقدورا عليه.

لكن المستحيل الذي يتصور ذهننا أنه مستحيل: مستحيل لذاته، ومستحيل لغيره.

أما المستحيل لذاته فهو مستحيل لا يمكن، فلو أن أحداً قال هل الله قادر على أن يخلق مثله؟ لقلنا: هذا مستحيل، لكن الله قادر على أن يخلق خلقا أعظم من الخلق الذي نعلمه الآن، ونحن نعلم أن أعظم مخلوق نعلمه هو العرش، فهو أعظم من كل شيء من المخلوقات التي نعلمها، ومع ذلك نعلم أن الله قادر على أن يخلق أعظم من العرش، لكن الشيء المستحيل لذاته هذا غير ممكن.

كذلك نحن نعلم أنه يستحيل في العادة - وليس لذاته - أن يقع خسوف القمر في أول الشهر، فهذا مستحيل حسب العادة، ونعلم أيضاً أنه لا يمكن أن يهل الهلال ثم تخسف الشمس بعد غروبه، فهذا نعلم علم اليقين أنه لن يكون، لكن لغيره، أي حسب ما أجرى الله العادة، وإلا فإن الله قادر على أن يكسف القمر في أول الشهر وعلى أن يهل الهلال ثم تخسف الشمس بعد غروبه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015