وهنا يرد علينا إشكال، وهو كيف يكون الشيء مرادا لله كونا وهو لا يحبه؟ وهل أحد يكرهه على أن يوقع ما لا يحب؟ وقد أجاب بعض المعتزلة فقال: كل ما وقع فهو مراد لله كونا وشرعا، حتى المعاصي قالوا: إن الله أرادها شرعا، ولكن هذا فيه إشكال
والجواب السديد في مثل هذه المسألة أن يقال: إن الله يكره كفر هذا الكافر ولم يكرهه أحد على أن يوقع شيئا يكرهه، لكن هذا الشيء مكروه لذاته محبوب لغيره، فالكفر الواقع هنا مكروه لذاته محبوب لغيره. ويكون الشيء محبوبا مكروها باعتبارين، لا باعتبار واحد فهذا ممتنع.
مثال ذلك: أنك ترى الرجل يأتي بالحديدة محماة حمراء من النار ليكوي بها ابنه المريض، لكن كيه لابنه ليس مرادا لذاته، بل مراد لغيره، ولهذا تجده محبوبا له مكروها، محبوبا من وجه، مكروها من وجه؛ من وجه إيلامه لابنه مكروه، ومن وجه أنه سبب لشفائه، محبوب.
وكذلك الكفر واقع بإرادة الله عز وجل، مكروه إلى الله لذاته، محبوب إليه لغيره. فلولا الكفر ما عرف الإيمان، ولولا الكفر لم يكن جهاد، ولولا الكفر لم يكن امتحان، ولولا الكفر لكان خلق النار عبثا، إلى غير ذك من المصالح العظيمة التي أراد الله سبحانه وتعالى أن يقع الكفر بحكمته، ولهذا قال عمر: ((لا ينقض الإسلام عروة عروة إلا من لم يدخل في الكفر) ، يعني أن من عرف قدر الإسلام لا ينقضه، ولا يعرف قدر الإسلام إلا إذا كان قد دخل في الكفر، فبضدهما تبين الأشياء.
وهكذا الله عز وجل يوقع في عباده ما يكرهه لكن من أجل مصلحة