أخرى أعظم من إيقاعه وذلك مثل قوله تعالى في الحديث القدسي: ((ما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره إساءته ولابد له منه) (?) ، فهذا مما يكرهه الله كونا لا شرعا، لكنه يوقعه عز وجل لما له من المصالح العظيمة، فإنه لابد من الموت حتى يجازي الإنسان بعمله إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
فالحاصل أن نقول جوابا على هذا الإيراد الشائك: إن هذا المكروه إلى الله مكروه إليه لذاته محبوب إليه لغيره فهو مكروه محبوب من وجهين.
سادسا: قال: (وعلم) ، أي من صفات الله تعالى العلم، والعلم صفة كمال، ولهذا يمتدح به الإنسان، ويكره أن يوصف بضده، فلو قلت لشخص: يا جاهل، وأنت من أعلم الناس قال لك: أنت الجاهل؛ لأنه يرى أن وصفه بالجهل عيب وقدح ومسبة لابد أن ترد.
فالعلم صفة كمال بلا شك، وعلم الله عز وجل شامل لكل شيء، حاضرا ومستقبلا وماضيا، قال الله سبحانه وتعالى: (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) (الطلاق: الآية 12) ، وقال تعالى عن الملائكة: (رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْما) (غافر: الآية 7) ، وقال تعالى: (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (البقرة: الآية 29) .
وكذلك أيضاً علم الله تعالى محيط بكل شيء تفصيلا، قال الله تعالى: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)