يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ «1»، وقوله سبحانه لموسى عليه السلام: إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (14) «2» وقوله تعالى: اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ «3» ونظائر ذلك كثيرة.

فالأعمال داخلة في الإيمان تضمنا، ولزوما في مثل قوله سبحانه: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (?) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (?) أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا «4».

وفي مثل قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15) «5»، وقوله عز وجل: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ «6»، وأمثال ذلك من الكتاب والسنة.

ومن استقرأ ذلك علم أن الاسم الشرعي كالإيمان، والصلاة والوضوء والصيام لا ينفيه الشارع عن شيء إلا لانتفاء ما هو واجب فيه لا لانتفاء ما هو مستحب فيه، وأما قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (?) «7» ونحو ذلك فالعمل مخصوص بالذكر، إما توكيد وإما لأن الاقتران لا يغير دلالة الاسم فهذا موقف يزول فيه كثير من النزاع اللفظي في ذلك، وأيضا فإن الإيمان يتنوع بتنوع ما أمر الله تعالى به العبد فحين بعث الرسول لم يكن الإيمان الواجب ولا الإقرار ولا العمل مثل الإيمان الواجب في آخر الدعوة فإنه لم يكن يجب إذ ذاك الإقرار بما أنزله الله تعالى بعد ذلك من الإيجاب والتحريم والخبر ولا العمل بموجب ذلك، بل كان الإيمان الذي أوجبه الله تعالى يزيد شيئا فشيئا كما كان القرآن ينزل شيئا فشيئا، والدين يظهر شيئا فشيئا حتى أنزل الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً «8».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015