وكذلك العبد أول ما يبلغه خطاب الرسول عليه أكمل الصلاة وأكمل السلام إنما يجب عليه الشهادتان، فإذا مات قبل أن يدخل عليه وقت الصلاة لم يجب عليه شيء غير الإقرار، ومات مؤمنا كامل الإيمان الذي وجب عليه وإن كان إيمان غيره الذي دخلت عليه الأوقات أكمل منه فهذا إيمانه ناقص كنقص دين النساء حيث قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «إنكن ناقصات عقل ودين، أما نقصان عقلكن فشهادة امرأتين بشهادة رجل واحد، وأما نقصان دينكن فإن إحداكن إذا حاضت لم تصل» (?) ومعلوم أن الصلاة حينئذ ليس واجبة عليها، وهذا نقص لا تلام عليه المرأة، لكن من جعل كاملا كان أفضل منها بخلاف من نقص شيئا ممّا وجب عليه، فصار النقص في الدين والإيمان نوعين نوعا لا يذم العبد عليه لكونه لم يجب عليه لعجزه عنه حسّا أو شرعا، وإما لكونه مستحبّا ليس بواجب، ونوعا يذم عليه وهو ترك الواجبات.
فقول النبيّ صلى الله عليه وسلم لجارية معاوية بن الحكم السلمي لما قال لها: «أين الله»؟
قالت: في السماء، قال: «من أنا» قالت: أنت رسول الله، قال: «اعتقها فإنها مؤمنة» (?). ليس فيه حجة على أن من وجبت عليه العبادات فتركها وارتكب المحظورات يستحق الاسم المطلق كما استحقته هذه التي لم يظهر منها بعد ترك مأمور ولا فعل محظور، ومن عرف هذا تبين أن قول النبيّ صلى الله عليه وسلم لهذه إنها مؤمنة لا ينافي قوله: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» (?).
فإن ذلك نفي عنه الاسم لانتفاء بعض ما يجب عليه من ترك هذه الكبائر وتلك لم تترك واجبا تستحق بتركه أن تكون هكذا، ويتبع هذا أن من آمن بما جاء