وغسل شيخ الإسلام وكفّن وصلّى عليه في الجامع الأموي وقد حضره جم غفير من الناس، حتى وقفوا مرصوصين رصّا في داخل الجامع لا يتمكن أحد من السجود إلا بكلفة لكثرتهم، وذكر ابن كثير أنه لم يتخلف عن حضورها أحد من أهل العلم إلا ثلاثة نفر وهم ابن جملة، والصدر، والقفجاقي، وذكر أن هؤلاء اشتهروا بعداوة الشيخ، فاختفوا خوفا على أنفسهم من الناس (?) وقد صلي عليه الظهر، ولم يدفن إلا قرب العصر لكثرة الزحام، ودفن في مقبرة الصوفية إلى جانب أخيه شرف الدين عبد الله.

ورحم الله الإمام أحمد حيث قال: «قولوا لأهل البدع بيننا وبينكم الجنائز» (?). قال البرزالي بعد إيراد هذا الأثر: «ولا شك أن جنازة أحمد بن حنبل كانت هائلة عظيمة بسبب كثرة أهل بلده واجتماعهم لذلك، وتعظيمهم له، وأن الدولة كانت تحبه، والشيخ تقي الدين ابن تيمية توفي ببلده دمشق وأهلها لا يعشرون أهل بغداد حينئذ كثرة، ولكنهم اجتمعوا لجنازته اجتماعا لو جمعهم سلطان قاهر، وديوان حاصر لما بلغوا هذه الكثرة التي اجتمعوا في جنازته، وانتهوا إليها. هذا مع أن الرجل مات بالقلعة محبوسا من جهة السلطان ... - ثم ذكر تشويه بعض المنتسبين إلى الفقه لشخصيته بين الناس» (?).

وقد رئيت له منامات طيبة، ورثي بمراثي كثيرة من علماء عصره، وممن بعدهم (?).

سادسا مكانته العلمية وثناء العلماء عليه

تبوأ الشيخ مكانة علمية واسعة فقد فاق أقرانه إذ هو الإمام حقا، وشيخ الإسلام صدقا، وهو البحر من أي جهة أتيته، ولا تكدره الدلاء.

إمام وأي إمام. لقد طبّق اسمه الدنيا وبلغت مؤلفاته ما بلغ الليل والنهار،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015