إن هذه الشهرة الكبيرة والمنزلة العالية التي حظي بها الشيخ، وذياع صيته في كل مكان بين الخاصة والعامة أثارت الضغائن، وحركت أصحاب النفوس الضعيفة لإيذائه، وتأليب الحكام عليه، وإلصاق التهم به، حسدا من عند أنفسهم، وهذه سنة جارية، أن من لمع نجمه وبرز اسمه كثر حاسدوه والناقمون عليه.
لقد سجن الشيخ أكثر من مرة، وأوذي وامتحن ولكن هذا لا يزيده إلا قوة في الحق وصلابة في الدين.
وفي سنة ست وعشرين وسبعمائة ظفر خصوم الشيخ بفتوى أفتى بها قبل سنوات (?) في مسألة شد الرحال إلى القبور (?)، وقد نقل أعداء الشيخ هذه الفتوى محرفة بعد أن زادوا فيها ونقصوا (?) وزعم أولئك أن الشيخ ينتقص جناب الأنبياء والأولياء، ونشروها بين العامة ليوغروا صدورهم عليه، لم يكتفوا بذلك، بل أرسلوا إلى السلطان آنذاك- الناصر- بذلك وحرضوا عليه.
وفي عصر يوم الاثنين السادس من شهر شعبان في نفس السنة اعتقل الشيخ- رحمه الله- بعد أن ورد مرسوم سلطاني بذلك بقلعة دمشق، وأقام معه أخوه زين الدين ليخدمه.
لقد تقبل الشيخ هذا الخبر بسعادة ورحابة صدر، وقال بكل عزة وأنفة، وإيمان ويقين: «أنا كنت منتظرا ذلك وهذا فيه خير عظيم» (?) وقال: «لو بذلت