قال: (والدليل على كونه سميعا بصيرا: السمعيات).
قلت: إثبات كونه سميعا بصيرا وأنه ليس هو مجرد العلم بالمسموعات والمرئيات هو قول أهل الإثبات قاطبة من أهل السنة والجماعة من السلف والأئمة وأهل الحديث والفقه والتصوف والمتكلمين من الصفاتية كأبي محمد بن كلاب وأبي العباس القلانسي وأبي الحسن الأشعري وأصحابه وطائفة من المعتزلة البصريين بل قدماؤهم على ذلك ويجعلونه سميعا بصيرا لنفسه كما يجعلونه عالما قادرا لنفسه. وإثبات ذلك كإثبات كونه متكلما بل هو أقوى من بعض الوجوه فإن المعتزلة البصريين يثبتونه مدركا مثل كونه عليما قديرا بخلاف كونه متكلما فإنه من باب كونه خالقا.
وللناس في إثبات كونه سميعا بصيرا طرق:
أحدها: السمع كما ذكره وهو ما في الكتاب والسنة من وصفه بأنه سميع بصير ولا يجوز أن يراد بذلك مجرد العلم بما يسمع ويرى لأن الله فرّق بين العلم وبين السمع والبصر، وفرّق بين السمع والبصر وهو لا يفرق بين علم وعلم لتنوع المعلومات قال تعالى: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) «1» وفي موضع آخر: إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ قال تعالى: وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227) «2» ذكر سمعه لأقوالهم وعلمه ليتناول باطن أحوالهم.
وقال لموسى وهارون: إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى «3» وفي السنن عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قرأ على المنبر إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ