الإلهية كما أن فرعون لما قام به أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى (?) كان مدعيا للربوبية، وكلام السلف مبني على ما يعلمونه من أن الله خالق أفعال العباد وأقوالهم وإذا كان كلامه ما خلقه في غيره كان كل كلام كلامه وكان كلام فرعون كلامه إذ المتكلم من قام به الكلام فلا يكون متكلما بكلام يكون في غيره كسائر الصفات والأفعال فإنه لا يكون عالما بعلم يقوم بغيره ولا قادرا بقدرة تقوم بغيره، ولا حيّا بحياة تقوم بغيره. وكسائر الموصوفين فإن الشيء لا يكون حيّا عالما قادرا بحياة أو علم أو قدرة تقوم بغيره ولا يكون متحركا أو ساكنا بحركة أو سكون يقوم بغيره كما لا يكون متلونا بلون يقوم بغيره.
وهنا أربع مسائل، مسألتان عقليتان ومسألتان سمعيتان لغويتان:
الأولى: أن الصفة إذا قامت بمحل عاد حكمها إلى ذلك المحل فكان هو الموصوف بها فالعلم والقدرة والكلام والحركة والسكون إذا قام بمحل كان ذلك المحل هو العالم القادر المتكلم أو المتحرك أو الساكن.
الثانية: أن حكمها لا يعود على غير ذلك المحل فلا يكون عالما بعلم يقوم بغيره ولا قادرا بقدرة تقوم بغيره ولا متكلما بكلام يقوم بغيره ولا متحركا بحركة تقوم بغيره وهاتان عقليتان.
الثالثة: أنه يشتق لذلك المحل من تلك الصفة اسم إذا كانت تلك الصفة ممّا يشتق لمحلها منها اسم، كما إذا قام العلم أو القدرة أو الكلام أو الحركة بمحل، قيل: عالم أو قادر أو متكلم أو متحرك بخلاف أصناف الروائح التي لا يشتق لمحلها منها اسم.
الرابعة: أنه لا يشتق الاسم لمحل لم يقم به تلك الصفة، فلا يقال لمحل لم يقم به العلم أو القدرة أو الإرادة أو الكلام أو الحركة إنه عالم أو قادر أو مريد أو متكلم أو متحرك.
والجهمية والمعتزلة عارضوا هذا بالصفات الفعلية، فقالوا: إنه كما أنه خالق عادل بخلق وعدل لا يقوم به بل هو موجود في غيره، فكذلك هو متكلم مريد بكلام وإرادة، لا تقوم به بل يقوم الكلام بغيره ممن سلم لهم هذا النقص، كالأشعري ومن اتبعه من أصحاب مالك والشافعي وأحمد أظهر تناقضهم ولم يجيبوهم بجواب مستقيم.
وأما السلف وجمهور المسلمين من جميع الطوائف فإنهم طردوا أصلهم وقالوا: بل الأفعال تقوم به كما تقوم به الصفات والخلق ليس هو المخلوق، وذكر