ولقد اتفق السلف رحمهم الله على أن السحر كفر؛ لقوله تعالى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} [البقرة:102]، فإن الساحر إنما كفر لأنه خضع لغير الله بالطاعة والاستسلام والانقياد، وهكذا كفر بإجماع المسلمين، والذي تكلم به بعض أصحاب الإمام الشافعي ونسبوه قولاً له من التفصيل في مسألة السحر، هو خلاف لفظي؛ فإنه منذ زمن متقدم ترجمت العلوم، ومنها علوم الكيمياء والسيمياء ونحوها، وهذا يحدث نوعاً من الحركة الغير معتادة بفعل تركيب ومزج بعض المواد ونحو ذلك، وليس من تأثير الجن، فصار بعض الفقهاء يقولون: لا بد من معرفة صفة السحر، فإن كان مرتبطاً بالجن فهو كفر، لأنه يكون خضوعاً، وإن كان نوع حركة كخفة اليد مثلاً أو وضع بعض المواد على بعض فيتحول إلى مادة أخرى أو نحو ذلك، فهذا لا يعدونه كفراً وهو كذلك، لأنه ليس سحراً، وإن كان ينهى عنه سداً للذريعة وزجراً لهؤلاء حتى لا يفتتن الناس.
وهذا التفصيل ليس مختصاً ببعض فقهاء الشافعية، بل بالإجماع أن مثل هذا لا يسمى كفراً، وكأن الغلط هو في تسميته سحراً.