هذا الحوض ترده أمته صلى الله عليه وسلم، لكن قد حدَّث عليه الصلاة والسلام كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيح، قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: وددت أنا قد رأينا إخواننا.
فقلنا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: بل أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد.
قالوا: فكيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله؟! قال: أرأيتم لو أن رجلاً له خيل غر محجلة، بين ظهري خيل دهم بهم، ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: فإنهم يأتون يوم القيامة غراً محجلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض)، وجاء في حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه: (أنا الفرط لكم على الحوض)، قال: (وأنا فرطهم على الحوض.
قال: ليذادنَّ رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال، أناديهم: ألا هلموا.
فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً)، وجاء في بعض أحرف الصحيح: (فأقول: أصحابي أصحابي!)، ولهذا الحديث قال من قال من الرافضة: إن الصحابة ارتدوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا شك أن هذا جهل، فإن نصوص الروايات ليس على هذا الوجه، وهذا الوجه إذا ذكر فيمكن أن يوجه على أحد وجهين:
الأول: أن المقصود بالصحبة المعنى المطلق، أي: المتبع أو المقتدي بوجه عام، أو الموافق في الظاهر، فإن الله لما ذكر المنافقين قال: {وَيَحْلِفُونَ بالله إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ} [التوبة:56] ولما ذكرهم في سورة الأحزاب قال: {قَدْ يَعْلَمُ الله الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ} [الأحزاب:18] فالسياقات تختلف.
الوجه الثاني: أن يقال: إنه قد ارتد بعد وفاته صلى الله عليه وسلم من ارتد ممن كان صحابياً وقت حياته صلى الله عليه وسلم.