قال رحمه الله تعالى: [وأراد الشيخ رحمه الله بقوله: (ولا نقول: لا يضر مع الإيمان ذنب لمن عمله) مخالفة المرجئة، وشبهتهم كانت قد وقعت لبعض الأولين، فاتفق الصحابة على قتلهم إن لم يتوبوا من ذلك، فإن قدامة بن مظعون شرب الخمر بعد تحريمها هو وطائفة، وتأولوا قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [المائدة:93] الآية، فلما ذكر ذلك لـ عمر بن الخطاب رضي الله عنه اتفق هو وعلي بن أبي طالب وسائر الصحابة على أنهم إن اعترفوا بالتحريم جلدوا، وإن أصروا على استحلالها قتلوا، وقال عمر لـ قدامة: أخطأت استك الحفرة، أما إنك لو اتقيت وآمنت وعملت الصالحات لم تشرب الخمر.
وذلك أن هذه الآية نزلت بسبب أن الله سبحانه لما حرم الخمر -وكان تحريمها بعد وقعة أحد- قال بعض الصحابة: فكيف بأصحابنا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر؟! فأنزل الله تعالى هذه الآية، بين فيها أن من طعم الشيء في الحال التي لم يحرم فيها فلا جناح عليه إذا كان من المؤمنين المتقين المصلحين، كما كان من أمر استقبال بيت المقدس.
ثم إن أولئك الذين فعلوا ذلك ندموا وعلموا أنهم أخطئوا، وأيسوا من التوبة، فكتب عمر إلى قدامة يقول له: {حم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ} [غافر:1 - 3]، ما أدري أي ذنبيك أعظم: استحلالك المحرم أولاً؟ أم يأسك من رحمة الله ثانياً؟! وهذا الذي اتفق عليه الصحابة هو متفق عليه بين أئمة الإسلام].