قال رحمه الله تعالى: [فإن قيل: فما الحكمة في الإسراء إلى بيت المقدس أولاً؟ فالجواب والله أعلم: أنه كان ذلك إظهاراً لصدق دعوى الرسول صلى الله عليه وسلم المعراج حين سألته قريش عن نعت بيت المقدس، فنعته لهم وأخبرهم عن عيرهم التي مر عليها في طريقه، ولو كان عروجه إلى السماء من مكة لما حصل ذلك، إذ لا يمكن إطلاعهم على ما في السماء لو أخبرهم عنه، وقد اطلعوا على بيت المقدس فأخبرهم بنعته].
مما ينبغي أن يعلم أن الإيمان بمثل هذه الأمور الغيبية لا يتوقف على معرفة الحكمة، فالإيمان بجميع مسائل الغيب -ومن ذلك الإسراء والمعراج وما حدث فيهما من مشاهد وأحداث- لا يتوقف على معرفة الحكمة أبداً؛ فالإسراء والمعراج هذا أمر حدث وكان على سبيل الإعجاز والإكرام للنبي صلى الله عليه وسلم ولهذه الأمة، فلا داعي لأن نقول: لماذا ذهب إلى بيت المقدس؟ ولماذا مر على السماوات السبع على هذا النحو؟ ولماذا تردد بين موسى وربه؟ إلى غير ذلك من الأمور التي هي من باب الترف العلمي الذي لا ينبغي أن يسلكه المؤمن، بل أحياناً تكون من باب ما نهى الله عنه من السؤال، فالتباس الحكمة في هذه الأمور لا يتوقف عليه شيء.