قال رحمه الله تعالى: [فإذا تقرر ذلك فاعلم أن عدم الخوارق علماً وقدرة لا تضر المسلم في دينه].
هذه مسألة مهمة جداً؛ لأن الناس لما كثر إعراضهم عن العقيدة السليمة، وعن التمسك بالسنة، وابتعدوا عن مناهج السلف، وتعلق بعضهم بالكرامات، وظنها من علامات الاستقامة، وأنه إذا لم تحصل له كرامة كأنه محروم من الخير، خاصة عند الأحداث الكبرى، عندما يكون هناك جهاد، أو يكون هناك نوع من المواجهة أو الفتن أو المواقف الصعبة أو نحوها، بعض الناس تتعلق نفسه بالكرامة، ظناً منه أنه إذا لم تحدث له كرامة، فإنه ليس على شيء! وهذا غلط، ووجد هذا الهاجس عند كثير من الشباب المتدين، الذين لا يلمّون بعقيدة السلف، ولا عندهم إدراك لهذه الأمور، تجد أن نفوسهم تتعلق بالكرامة من خلال الدعوة إلى الله عز وجل، أو من خلال ما تتعرض لهم من مشاكل وأحداث، تجد الواحد منهم يظن أنه إذا لم تحدث له كرامة، فإنه مقصر في حق الله عز وجل أو في دين الله، مع أن هذا ليس من الموازين الشرعية، الكرامة قد تحدث وقد لا تحدث، وإذا لم تحدث كرامة لبعض الناس، أو أمر خارق للعادة يفتن به قد يكون هذا في حد ذاته من علامات التوفيق له.
قال رحمه الله تعالى: [فمن لم ينكشف له شيء من المغيبات، ولم يسخّر له شيئاً من الكونيات، لا ينقصه ذلك في مرتبته عند الله، بل قد يكون عدم ذلك أنفع له، فإنه إن اقترن به الدين وإلا هلك صاحبه في الدنيا والآخرة، فإن الخارق قد يكون مع الدين، وقد يكون مع عدمه أو فساده أو نقصه].
يعني: أن الكرامات أحياناً تكون من باب الجزاء العاجل، وخير للمسلم أن يكون له الجزاء في الآخرة من أن يكون له في الدنيا.
أيضاً قد تكون الكرامة من باب النعمة التي لا يقدر على شكرها، قد يكرم الله بعض العباد بكرامة عظيمة قد لا يقدر على شكرها، فيقصر في حق الله عز وجل.
فإذاً: لا ينبغي للمسلم أن تتعلق نفسه بالكرامة، إن حدثت فهذا خير، والكرامة مبشرات، ومن منهج السلف ألا تتعلق نفس المسلم بالكرامة أو يتطلع إليها، أو يلتمسها، أو يتكلف في حصولها أو نحو ذلك.