ولهذا قال طائفة من أهل العلم إنَّ أحاديث المهدي تبلغ مبلغ التواتر المعنوي، يعني الذي في جملته، لا في أفراده، يدل على أنَّ المهدي سيخرج في آخر الزمان قُرْبْ خروج الدجال.
وفي قصة المهدي أنَّهُ حين [....] يصيح صائح إنَّ الدجال خَلَفَكُم في أهليكم وأولادكم أو أموالكم، وينقسم الناس، في القصة المعروف التي لا مجال لسردها بطولها.
[.....] أنَّهُ في أثناء ولاية المهدي وغزوِهِ وجهاده وانتشار الخيرات في وقته يخرج الدجال فتعظُمُ فتنته.
& نزول عيسى ابن مريم عليه السلام:
ثم ينزل عيسى عليه السلام وهو حَيٌّ الآن، ينزل من السَّماء في دمشق عند المنارة البيضاء شرقي دمشق.
والنبي صلى الله عليه وسلم كما روى ابن ماجه وغيره أنَّهُ ينزل عند المنارة البيضاء في شرقي دمشق ثم يدرك الدجال بباب لُدْ فيقتله هناك، وأصله في مسلم (?) .
وهذا قبل وجود المنارة وقبل بناء المسجد الأموي، والمنارة البيضاء الآن معروفة في دمشق.
فما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أعظم ما بيَّنَهُ لأمته صلى الله عليه وسلم.
ثاني أشراط الساعة نزول عيسى بن مريم، والله - عز وجل - دلَّ على نزوله في القرآن بقوله - عز وجل - {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً} [النساء:159] ، وقد جاء في الصحيح أنَّ أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك أنْ ينزل فيكم عيسى ابن مريم حَكَماً عَدْلاً مُقْسِطَاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية، ويفيض المال في عهده -أو في وقته- حتى لا يقبله أحد ويؤمن به أهل الكتاب» ، قال أبو هريرة رضي الله عنه واقْرَأُوا إنْ شئتم: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً} (?) .
فقوله هنا {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} ، المقصود به قبل موت الكتابي أو قبل موت عسى ابن مريم؟
من أهل العلم من قال بالأَوَّلْ أنَّهُ قبل موت الكتابي فيؤمن بعيسى ابن مريم.
وأكثر أهل العلم وأهل التفسير على أنَّ المقصود به {قَبْلَ مَوْتِهِ} يعني قبل موت عيسى ابن مريم لأنَّ سياق الآية والآيات قبلها يدل على ذلك، وظاهرها أيضاً وهو قوله {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} ، يعني بعيسى ابن مريم عليه السلام، {قَبْلَ مَوْتِهِ} ، يعني موت عيسى أيضاً ابن مريم عليه السلام.
وهذا في معنى الآية التي في سورة الزخرف وهي قوله - جل جلاله - في ذِكْرِ عيسى {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا} [الزخرف:61] ، وفي القراءة الأخرى {وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ لِلسَّاعَةِ} والعَلَمْ هو العلامة والشرط، {لَعَلَمٌ لِلسَّاعَةِ} يعني شرط من أشراط الساعة، وهو الذي دلت عليه الأحاديث الصحيحة واتفق عليه [......] حتى أنَّ أبا هريرة رضي الله عنه إذا ساق ذلك قال لمن يروي له هذا الحديث: فإذا رأيت عيسى ابن مريم فأقرئه منّي السلام (?) ، ويرويها مَنْ بَعْدَه لمن بعده، فإذا رأيت عيسى ابن مريم فأقرئه مني السلام، وهذا من شدة إيمانهم وتصديقهم بنبينا صلى الله عليه وسلم الذي {مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (?) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:3-4] .
عيسى عليه السلام يمكث ما شاء الله في الأرض أنْ يمكث ثم يموت ثم يُصَلَّى عليه.
& خروج يأجوج ومأجوج:
ويخرج في عهد عيسى عليه السلام يأجوج ومأجوج، وقد جاء ذكرهم في القرآن في سورتين، في سورة الكهف وفي سورة الأنبياء، قال - عز وجل -: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} [الأنبياء:96-97] ، يعني الساعة، وفي سورة الكهف: {إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً} [الكهف:94] الآيات، فأفادت الآيتان فائدتين:
1- الفائدة الأولى: أنَّ يأجوج ومأجوج موجودان اليوم وموجودان قبل ذلك فهما قبيلان أو قبيلتان أو شَعْبَانِ كبيران يعْظُمُ أمرهما عند قيام الساعة.
2- الفائدة الثانية: أنَّهُمْ يأتون من كل حَدَبْ، قال في آية الأنبياء: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} ، والحَدَبْ هو الجهة، و (يَنْسِلُونَ) هذا من النَسَلاَن وهو السير ليلاً، فهم يأتون من كل جهة، فربما مروا على البحيرة العظيمة فشربوا ماءها إلخ.
فخروج يأجوج ومأجوج في عهد عيسى عليه السلام، هذا من آيات الساعة الكبرى.
ثم يدعوا عليهم عيسى عليه السلام فيموتون ثم تُنْتِنُ الأرض التي هم فيها بنَتَنِ أجسادهم فيأمر الله - عز وجل - ريحاً أو طيوراً بحملهم في البحر.