[المسألة الرابعة] :
الأشراط الكبرى يُعْنَى بها العلامات والآيات التي تكون قريبةً من الساعة، بحيث إذا حدثت فإنَّ يوم القيامة قريبٌ جداً جداً.
وسُمِّيَتْ كبرى لأنها آيات عظيمة تحدث ليس في حُسْبَانْ العِبَادْ أنْ تحدُثْ ولم يكن لها دليلٌ قبلها أو لها ما يشابهها.
وهذه الأشراط الكبرى عشر كما جاءت في الأحاديث؛ ولكنها جاء في عدة أحاديث غير مرتبة، يعني من جهة الوقوع.
وهنا ذَكَرَ الطحاوي رحمه الله في هذه الجملة، أربعة من أشراط الساعة:
- ذكر خروج الدجال.
- ونزول عيسى ابن مريم.
- وطلوع الشمس من مغربها.
- وخروج الدابة.
وهذه أربعة من عشرة أشراط، وهُوَ إنَّمَا ذَكَرَ هنا الأشراط الكبرى لأنها هي العظيمة وهي الآيات الكبيرة التي يجب الإيمان بها
وهذه العشرة وهي مرتبة في الحدوث كما أسوقها:
- أول ما يحدث خروج الدجال.
- ثم نزول عيسى ابن مريم عليه السلام من السماء.
- ثم خروج يأجوج ومأجوج.
- ثم ثلاثة خسوف: خسفٌ بالمشرق وخسفٌ بالمغرب وخسفٌ بجزيرة العرب.
- ثم طلوع الشمس من مغربها.
- ثم خروج الدابة على الناس ضحى.
- ثم الدُّخان.
- ثم خروج النار التي تحشر الناس إلى أرض المحشر.
وفي ترتيب الدخان هل هو قبل طلوع الشمس من مغربها أو هو بعد طلوع الشمس فيه خلاف بين أهل العلم، والأظهر هو ما ذكرت لك مِنَ الترتيب.
& خروج الدجال:
فالدجال جاءت النصوص الكثيرة بخروجه وأنه سيخرج من مَحْبَسٍ هُوَ فيه، إذا أَذِنَ الله - عز وجل - بخروجه، وأنَّهُ بَشَرْ من جنس البشر؛ لكنَّهُ أعور العين كأنَّ عينه عنبة طافية أو عنبة طافئة، مكتوب بين عينه (كَافْ- فَاءْ- رَاءْ) ثلاثة حرف يقرؤها كل مؤمن يعني (كافر) ، يعطيه الله - عز وجل - من القدرة ما تَحَارُ معه الألباب، فيقول للناس (إني ربكم) فيكون معه جنة ومعه نار وتكون فتنته تستمر في الأرض أربعين، وتكون فتنته أعظم فتنة حدثت في الأرض؛ لأنَّهُ يَدَّعِي أنَّهُ رب العالمين وأنَّ معه جنة وأنَّ معه نار وأنه يُحيي الموتى.
فيأتي في ذلك وتُحرَّم عليه مكة والمدينة والملائكة تحرسها، ويخرج إليه شاب فيقول له: أنا ربك.
فيقول له: أنت الدجال الذي أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فيقول للناس: أنا أقتل هذا ثم أحييه، فيَقْتُلُه ثم يُحْيِيه.
فيقول: قد ازددت الآن بك علماً، -يعني أنك الدجال-.
وهذا من خِيرة الناس على وجه الأرض، أو خير الناس على وجه الأرض في زمانه.
والدجال لا يخرج حتى لا يُذْكَرَ في الأرض، وما من نبي إلا حذَّرَ أمَّتَهُ فتنة المسيح الدجال، ولهذا كان من المتأكدات على المؤمن في كل صلاة قبل السّلام أن يستعيذ بالله من أربع ومنها فتنة المسيح الدجال.
وأخبار المسيح الدجال والأحاديث التي جاءت فيه كثيرةٌ متنوعة معروفةٌ في كتب السنة وفي كتب من ألَّفَ في أشراط الساعة، لكن ننبه في هذا على عدة أمور:
1- الأمر الأول: أنَّ المسيح الدجال لم يكن حياً في عهده صلى الله عليه وسلم، والأحاديث التي جاء فيها أنَّهُ حَيْ وأنه رُئِيَ إمَّا في المدينة كقصة ابن صائد أو ابن صيّاد، أو في حبسه في جزيرةٍ خرج إليها بعض الصحابة فرأوه فقصوا ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كل هذا لا يدلُّ أنَّهُ كان في ذلك الزمن، وأنه يبقى إلى وقت خروجه.
وإنَّمَا في قصة الجزيرة في قصة الرجل المحبوس وسؤاله عن النبي صلى الله عليه وسلم، الحديث الذي رواه مسلم المعروف، من العلماء من حَكَمَ عليه بالشذوذ، ومنهم من قال خَرَجَ آيَةً، جعله الله آية للدلالة على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس مستمر الحياة.
والمقصود من هذا أنَّ الدجال بَشَرْ يخلقه الله - عز وجل - في وقتٍ من الأوقات ثم يأذَنُ بخروجه من مكانٍ هو فيه على ما يشاء ربنا - جل جلاله -.
2- الأمر الثاني: أنَّ خروج الدجال يكون بعد خروج المهدي، والمهدي ليس من أشراط الساعة الكبرى، وإنَّمَا يكون قريباً من خروج الدجال.
والمهدي سُمِّيَ مَهْدِيَّاً لأنَّ الله - عز وجل - سيهديه ويُصْلِحُه في ليلة كما جاء في الحديث الصحيح أنَّهُ يذهب إلى مكة في حين اختلافٍ من الناس؛ يعني أنَّ الناس لا أمير لهم ولا إمام ولا جماعة، فيعود بالبيت فيخرج إلى الحرم يعني إلى مكة فيلوذ بالكعبة، ثم يأتيه الناس فيأمرونه بالخروج ويبايعونه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «يصلحه الله في ليلة» (?) ، اختلف العلماء فيه، هل معناه:
أنَّهُ يُصْلِحُهُ في أمر دينه ولم يكن صالحاً؟
أو أنَّهُ يصلحه لأمر الوَلاية وإمارة الناس؟
* والأظهر هو الثاني أنَّهُ يصلحه الله في ليلة لإمارة الناس ولقيادتهم.
وهو من ذرية الحسن بن علي بن أبي طالب، واسمه كاسم محمد صلى الله عليه وسلم، محمد بن عبد الله، وجاء في الأحاديث صفاته، وبلغت الأحاديث التي فيها ذكر المهدي بأسانيد صحيحة وحِسَانْ وضعاف أكثر من أربعين حديثاً.