[المسألة الثالثة: لا يدل كون الحدث من أشراط الساعة على مدحه أو ذمه]

[المسألة الثالثة] :

الأشراط الصغرى كثيرة جداً ومتنوعة، ولا يدلُّ كون الحَدَثْ من أشراط الساعة على مدحه أو ذمه، بل هي آيات ودلائل على القرب:

- فتارةً تكون ممدوحةً غاية المدح، منها بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وانشقاق القمر باعتباره آية لمحمد صلى الله عليه وسلم، ومنها فتح بيت المقدس.

- وقد تكون مذمومةً مُحَرَّمَةً أو مكروهة، أو تكون واقِعَةً كونِيَّةً فيها ابتلاء أو عقوبة للعباد.

والمقصود من ذلك أنَّ ما جاء في الدليل أنَّهُ من آيات أو أشراط الساعة فلا يدلُّ كونه من أشراط الساعة على أنَّهُ ممدوحٌ أو مذموم إلا بدليلٍ آخر أو بحقيقة الأمر.

وأشراط الساعة الصغرى كثيرةٌ جداً جداً، فمما يشار إليه فيها ما جاء في الحديث الذي رواه البخاري وغيره، حديث عوف بن مالك أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أُعْدُدْ سِتَّاً بين يدي الساعة، موتي ثم فتح بيت المقدس، ثم مُوتَانٌ يَأْخُذُ فيكم كقٌعَاصِ الغنم، ثم استفاضة المال» (?) ... إلخ الحديث.

ومنها مما حَدَثَ وهذه حدثت قريباً من عهده صلى الله عليه وسلم.

ومنها مما حَدَثَ بعيداً عن عهده صلى الله عليه وسلم، النار التي خرجت من المدينة في القرن السابع الهجرى، في نحو سنة أربع وخمسين وستمائة، وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من الحجاز» أو «من المدينة تُضيئ لها أعناق الإبل ببُصرى» (?) .

منها ما يكون قريباً من الأشراط الكبرى.

وأشراط الساعة الصغرى والكبرى أُلِّفَتْ فيها مؤلفات كثيرة في جمعها وجمع الأحاديث التي جاءت في ذِكْرِ أشراط الساعة، وهي من العلم النافع الذي يدلُّ على صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به، لأنَّهُ ولا شك أخبر عن أمرٍ غيبيٍ لم يحدث، وكان خبره صِدْقاً ويقيناً.

فهذه الأخبار التي فيها أنَّهُ بين يدي الساعة يكون كذا، أو لا تقوم الساعة حتى يكون كذا، أو من أشراط الساعة كذا، أو أُعْدُدْ بين يدي الساعة كذا، هذه كلها تدلّ:

- على صدقه صلى الله عليه وسلم.

- ثُمَّ أيضاً تدلّ على أنَّ الساعة آتية لا ريب فيها؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بحدوث هذه الأمور وحدوثها حَصَلَ وكان حقاً كما أخبر به صلى الله عليه وسلم.

لهذا كان التّحديث بأشراط الساعة الصغرى والكبرى وذِكْرُهَا مما يُقَوِّي اليقين ويُقَوِّي الإيمان وهو من دلائل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015