وفي كل شيء له آية تدل عَلَى أنه واحد

وأما قول المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الذي سبق ومنه هذا الكلام:

[وقد زعم طائفة أن فرعون سأل موسى مستفهماً عن الماهية، وأن المسؤول عنه لما لم تكن له ماهية، عجز موسى عن الجواب، وهذا غلط.، وإنما هذا استفهام إنكار وجحد كما دل سائر آيات القُرْآن عَلَى أنفرعون كَانَ جاحداً لله نافياً له، لم يكن مثبتاً له طالباً للعلم بماهيته، فلهذا بين لهم موسى أنه معروف، وأن آياته ودلائل ربو بيته أظهر وأشهر من أن يسأل عنه بما هو؟ بل هو سبحانه أعرف وأظهر وأبين من أن يجهل، بل معرفته مستقرة في الفطر أعظم من معرفة كل معروف] .

كلام حول الماهية

استطرد المُصْنِّف هنا فتكلم عن مسألة الماهية.

يقول علماء المنطق: السؤال عن الماهية له أداتان "ما" وَ "أي".

فـ"ما": تسأل به عن الشيء لتعرف ماهيته أو حقيقته.

و"أي": تسأل به عن الشيء لتخصيصه عن غيره.

ولما قال فرعون: وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ [الشعراء:23] سأل موسى عن الماهية، لأن "ما" أداة الماهية، فعجز موسى عن شرح ماهية الله، فعدل عن الجواب وقَالَ: رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا [الشعراء:24] وهذا الكلام خطأ متناقض.

وذلك أنفرعون لم يكن يعرف علم المنطق ولا الماهية معروفاً عنده، وإنما أراد أن يجحد وينكر أن يكون هناك إله، فقَالَ: وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ [الشعراء:23] أي: ليس موجوداً هذا الإله، ولذلك لما ألزمته الحجة وقال له موسى: (رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ [الشعراء:26] قَالَ: إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ [الشعراء:27] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015